ما هو عذاب الحب
تعريف الألم العاطفي وعذاب الحب
يمكن تعريف عذاب الحب على أنه الألم العاطفي الناتج عن الخلافات العميقة بين شخصين متعلقان ببعضهما في العلاقات والذي يؤثر على أطراف العلاقة وممارسة حياتهما الطبيعية بشكل سلبي وقد يعرقلها في حال زاد عن حده.
أسباب الألم العاطفي وعذاب الحب
هُنالك العديد من الأسباب التي تجعل المرء يشعر بالألم والعذاب الداخلي المُصاحب لشعوره بالحب والتعلّق بأحدهم، ومنها ما يأتي:
حدوث الخلافات والمشكلات
يتعلق الأشخاص ببعضهما كثيرًا في بداية العلاقات وخاصةً بعد الاعتراف بالمشاعر ودخول كل منهما عالم الآخر، حيث يتمثل بالسعادة والافتتان التي تنتاب الحبيب نتيجة التفاهم مع نصفه الثاني وعناية كل منهما بالآخر.
وعلى الطرف الآخر فلا بدّ من حدوث بعض العقبات والصعوبات التي تقود الشريكين للخلاف أحيانًا، وهنا يكمن الخطر؛ حيث إن طريقة حل الخلافات وطريقة تعامل الحبيب مع شريكه هي ما قد يُحدث ما يسمى بعذاب الحب.
كما أنّ الأطراف الأخرى سواء أكانوا من الأهل أو غيرهم والظروف النفسية قد تجعل من الحب شعورًا مُرهقًا رغم عذوبته ونقائه، وهنا قد تخرج الأمور عن السيطرة ويُصبح الخلاف كبيرًا والمشاعر مجروحة والعلاقة متوترة فينشأ عنها صدمات عاطفيّة تحتاج إلى الصبر والتفاهم للخروج منها.
التعرض للأذى من الطرف الآخر
تؤكد الدراسات العلميّة وجود اتصال وثيق بين الدماغ والمشاعر؛ حيث إنّ التفاعل مع الآخرين يؤثر على شعور وصحة الإنسان، وإن تعرضه للأذى وخاصة في حال كان مقصودًا قد يؤدي إلى ما يطلق عليه متلازمة القلب المكسور.
في هذه المتلازمة لا يعود سببها لكون المرء عاطفي أو حساس بل بسبب اضطراب علاقاته العاطفيّة مع أحبائه، ووجعه الداخليّ، وقلقه النفسيّ الذي سببه حبّه الشديد لهم، وتعلّقه الصادق بهم، وإيذائهم بالمقابل لمشاعره بطريقةٍ ما، الأمر الذي يجعل من حبّه الحقيقيّ لهم مصدر ألم وعذاب داخلي له.
الإدمان الشديد والتعلّق بالحبيب
حيث إنّ شعور المرء بالحب يُصاحبه انطلاق هرمونات مختلفة تزيد من نشوته وانجذابه ومُتعته، ورغبته بالبقاء مع المحبوب والتعمّق في العلاقة معه أكثر، لكنها من جهةٍ أخرى تُشكّل حالة من الإدمان التي قد تؤذيه إذا ما فقد السيطرة على هذه الأحاسيس.
يشعر الإنسان بالحاجة الشديدة للنظر إلى المحبوب والالتقاء به بشكلٍ مُبالغ به، وتزيد كميّة الاشتياق له وفقدانه عند غيابه، الأمر الذي يجعله مُتقلّب المزاج، مُشتت الذهن وقد يُعاني من الهوس وعدم السيطرة على الذات، وجميعها نتائج قد تؤذيه وتُغيّر من شخصيّته وسلوكه ونشاطاته.
التعرّض للخيانة من الحبيب
حيث إنّ الحب الحقيقي أساسه الثقة والصدق بين الحبيبين، وتعرّض المرء للخيانة من شريكه الذي ائتمنه على قلبه وروحه، وقدم له مشاعر الحب الصادقة والنقيّة بكل مودّةٍ وثقة سيجعله يشعر بعذاب داخليّ مؤلم يكاد يُمزّق قلبه.
هذ الألم لأنّ جروح الخيانة عميقة وأصعب من أن يتم تجاوزها بسهولةٍ، وقد تُسبب الأذى النفسيّ للبعض وتحتاج وقتًا طويلًا حتى يشفى منها، كما قد تبقى آثارها عالقةً فتؤثر على علاقاته الأخرى والمُستقبليّة، وذلك يعتمد على مكانة الحبيب وعمق العلاقة بينهما.
آثار الألم العاطفي وعذاب الحب على المرء
ينتج عن عذاب الحب الداخليّ العديد من الآثار السلبيّة التي تُهدد صحة المرء النفسيّة والجسديّة، ومنها ما يأتي:
- الحزن الشديد
إن الحزن عاطفةً طبيعيةً ترتبط بخيبة الأمل أو فقدان شيءٍ أو شخصٍ عزيز أو انزعاج المرء لسبب ما، لكنها مشاعر مؤقتة، واستمرارها مدّةً طويلةً قد يُسبب مضاعفات أخرى تضره، كالاكتئاب والعزلة، أو اللجوء للمهدئات دون استشارة الطبيب، وهنا لا بد من التدخل الطبيّ وعلاج الحالة.
- الغضب وعدم القدرة على السيطرة على الانفعالات
تتشكل مشاعر الغضب عندما ينطلق هرمون الأدرينالين القوي بسبب انزعاج المرء، والذي بدوره يزيد من توتر العضلات وسرعة التنفس، ويُشتت استجابة المرء وطريقة تعامله مع الموقف، فيصبح عصبيًا وقد يلجأ للصراخ أو لوسائل أخرى عدائية للتنفيس عن غصبه.
- الشعور بالذنب أو العار
حيث إن المرء قد يشعر بالذنب بسبب عدم نجاح علاقته مع الحبيب، أو يخشى مواجهة الآخرين، ويشعر بالعار والضعف بسبب فشل علاقته، وجميعها أمورٌ قد تنعكس على استقراره العاطفيّ والنفسيّ، ولا بد من علاجها إذا ما تفاقمت الحالة.
- الخوف والقلق
ينشأ هذا الشعور بفعل هرمون الأدرينالين أيضًا ويُسبب الإجهاد وعدم قدرة المرء على الاسترخاء بفعل الرغبة بالهروب والتخلّص من الأمر المُسبب له، وقد يتطور هذا الشعور لاضطراباتٍ نفسيّة أخرى تدفع صاحبها للجوء إلى سلوكياتٍ خاطئة؛ لنسيان هذه المشاعر والتخلّص منها، كالتدخين بشراهةٍ، أو تناول المُهدئات دون وصفةٍ طبيّة.
استراتيجيات التغلّب على أضرار الحب العاطفيّة
يُمكن للمرء أن يُقاوم المشاعر السلبيّة المؤذية التي نتجت عن عذاب الحب، وذلك من خلال اتباع الاستراتيجيّات الآتية:
- التوقف عن انتقاد الذات
يجب على الشخص عدم تقبّل النقد الذاتي السلبيّ الذي يُحبط المرء ويُشعره بالضعف بل التركيز على نقاط القوة لديه لتجاوز الألم الذي يشعر به مهما كان سببه وحجمه.
- مواجهة المشاعر غير المنطقيّة وتحديها بشجاعة
على سبيل المثال إذا كان المرء يشعر بالوحدة والألم بسبب تعرّضه للرفض من أحدهم، أو ظنه بأنه غير محبوب أو مرغوب من الآخرين فعليه مواجهة هواجسه وتحديها من خلال الاتصال البنّاء مع أشخاص جيّدين، وعدم الاستجابة لأفكاره التي تحثه على البقاء وحيدًا وتضع أمامه عائق الرفض.
- تقبّل المرء حقيقة مشاعره
من المهم أن يتقبل المرء مشاعره في هذه الفنرة ولكن مع عدم تركها تُسيطر عليه، كأن يقول لنفسه مثلًا أنّ الشعور بالحزن والألم تحت تأثير حادث معيّن لا يعني توقف الحياة، ولا يعني تجرّده من الإحساس، فلا مانع من بعض الحزن لكن عدم تركه يُعيقه عن ممارسة حياته وأنشطته الطبيعيّة.
- تجنّب الوقوع تحت تأثير التجارب السلبيّة
إن الاستسلام لآثار التجارب السلبية وخاصة في الجانب العاطفي يزيد من مشاعر الحزن والجروح التي قد يعاني منها الإنسان، ويعمل على استنزاف الطاقة العقليّة والعاطفيّة دون فائدة، كما قد يؤثر على قدرة الشخص على بناء علاقات على المدى البعيد.