ما هو حجر إسماعيل
ما هو حجر إسماعيل
الحِجْر في اللُّغة: هو ما يكون بين يدي الإنسان من ثوبه، ومن يكون في حماية شخص آخر فهو في حِجْره؛ أي حمايته، كما يُطلق أيضاً على العقل، كقولهِ -تعالى-: (هَل فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ)، وأمّا في الاصطلاح: فيُطلق على القِسم الخارج عن جِدار الكعبة، وهو على شكل نصف دائرة، ويُسمّى بِحجر إسماعيل، وذكر ابن اسحاق: أن إبراهيم -عليه السلام- جعل الحِجْر بجانب البيت عريشاً من شجر الأراك، فكان مكاناً لِغنم إسماعيل -عليه السلام-، كما يُسمّى أيضاً بالحطيم، وقيل إنَّ الحطيم: هو جدار الحِجْر، وقيل: هو ما بين الرُكن والمقام وزمزم.
وقيل إنَّ قُريشاً عندما بنت البيت قَصَّرت عليهم النّفقة، فاقتصروا على بناء الرُّكن اليمانيّ والحجر الأسود ، وما بقِي من البيت قاموا بتحجيره بِالجدار؛ حتى لا يضيع في المسجد، وحتى يكون الطواف من خلفه، و لا يختلط بصحن المطاف، وذكر العُلماء أنَّ الحِجْر يزيدُ عن البيت بمقدارِ بعض الأشبار، وأنَّ المسافة بين الحِجر وجِدار الكعبة ستة أذرع، والحِجْر: هو جُزءٌ من الكعبة من جهة الشَّام، مُحاطٌ بِجدارٍ ارتفاعهُ أقلُّ من نصف القامة، ويقع الحِجْر في الجهة الشَّمال من الكعبة، ويكون على يسار الطائفين.
أحكام متعلقة بحجر إسماعيل
حكم استقبال حجر إسماعيل
تعدَّدت أقوال الفُقهاء في حكم استقبال الحِجْر في الصلاة، فذهب الحنابلة وبعضُ المالكيّة إلى جوازِ استقباله في الصلاة إن كان الإنسان يُصلّي خارجه، سواءً كانت الصلاةُ فرضاً أو نافلة، لِحديث النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الحجرُ من البيتِ)، وأمّا إن كانت الصلاةُ فرضاً فلا تصحُّ في داخله، لأنَّ ذلك كالصلاة داخل الكعبة، وذهب الحنفية والشافعيّة إلى القول بعدم صحَّة الصلاة باستقباله، سواءً كان ذلك في صلاة الفرض أو النفل، لأنَّ اعتبار الحِجر جُزءاً من البيت هو من قبيل الظنِّ، والتَّوجه إلى الكعبة ثبت بنصِّ القُرآن في قوله -تعالى-: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)، وأخذ بهذا الرأي بعضُ المالكيّة، فلا يُعدُّ الحِجْر أو الشاذروان عندهم من الكعبة، ولا يُكتفى بهما في القبلة.
صلاة النافلة في حجر إسماعيل
تُعدُّ الصلاة داخل الحِجْر كالصلاة داخل الكعبة، لأنَّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أخبر أنَّ قُريشاً قصَّرت عن إتمام بنائه بِقوله: (صلِّي في الحِجرِ إذا أردتِ دخولَ البَيتِ فإنَّما هوَ قطعةٌ منَ البَيتِ، فإنَّ قَومَكِ اقتَصروا حينَ بنَوا الكعبةَ فأخرجوهُ منَ البَيتِ)، لذلك من لم يستطع الدُخول إلى الكعبة والصلاة فيها، فيُسنُّ له الدُخول إلى الحِجْر والصلاة فيه؛ لأنّهُ من الكعبة، وثبت عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- صلاتهُ فيه ركعتين عام الفتح، كما جاء عن ابن عُمر وبلال -رضي الله عنهُما-، وقولهِ لعائشة -رضي الله عنها- بالصلاة فيه كونه من الكعبة، وهذا كُلّه في حال صلاة السُّنّة.
وأمّا صلاةُ الفريضة فالأحوط والأفضل عدم صلاتها في الحِجْر أو داخل الكعبة؛ لِعدم ورودِ فعلِ ذلك عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وذكر العديد من العُلماء عدم صحَّة صلاةِ الفرض في الكعبة أو الحِجْر. وقد جاء عن الحنفية جواز الصلاة داخل الكعبة سواءً كانت فرضاً أو نفلاً، وأمّا المالكيّة فقالوا بجواز صلاة النفل داخل الحِجْر أو الكعبة، وعدم صحَّتها في صلاة الفرض، ومن صلّاها داخل الحِجْر، فيجبُ عليه الإعادة، وكرهوا صلاة الِسُنن المؤكّدة فيه كذلك؛ كصلاة الوتر، وركعتي الفجر، والعيدين.
حكم الطواف داخل حجر إسماعيل
اشترط جُمهور الفُقهاء لِصحَّة الطواف أن يكون حول الكعبة أو خارجها، لذا لا يجوزُ الطواف داخِل الحِجْر، ومن طاف من داخله فلا يَصحُّ لأن الحِجْر جُزءٌ من الكعبة، لِقولهِ -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، ومن طاف من داخِل الحِجْر فلا يُعدُّ طائفاً بجميع البيت، وحتى يكون الطواف صحيحاً يجب أن يكون من وراء الحِجْر، بدليل الحديث الذي أخرجه البخاري والذي يقول فيه ابن عباس: (مَن طَافَ بالبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِن ورَاءِ الحِجْرِ، ولَا تَقُولوا الحَطِيمُ)، وقال ابن عباس -رضي الله عنه-: "الحِجْر من البيتظن لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاف بالبيت من ورائه"، فلو طاف ماشياً عليه ولو بخُطوة واحدة لم يصحّ طوافه، لأنَّه يُعتبرُ طائفاً في البيت لا بالبيت، وذهب الحنفيّة إلى أنَّ الطواف وراء الحِجْر من الواجبات، ويُجبر بالدم في حال تركه.