كيف مات امرؤ القيس
امرؤ القيس
امرؤ القيس هو أعظم شعراء الجاهليّة، من قبيلة كندة في نجد في بطن عاقل، كان يميل إلى اللهو والترف متهتكٌ في غزله، مسترسلاً يفحش في قص رواياته الغراميّة، حيث يعد امرؤ القيس من أوائل من أدخل قصص شعره لمخادع النساء، كان يعاقر الخمر بنهم كثير التسكع والتجوال مع صعاليك العرب.
خالف شاعرنا تقاليد البيئة في صياغة شعره، فكانت أحاديث الترف واللهو تغلب على قوله وهو برفقة شواذ العرب، حيث إن هذا الأمر لم يكن ليرضي والده فطرده ليعود إلى حضرموت حيث قومه وأعمامه، لعلهم يحدثون تغييراً في صفاته، لكنه استمر في مرافقته للصعاليك حتى ألف نمط حياتهم.
أطلق على امرؤ القيس العديد من الألقاب منها ذي القروح والملك الضليل، وحندج، وكان امرؤ القيس وثني يعبد الأصنام، لكنه لم يكن مخلصاً لآلهة آبائه وأجداده، ويعد شاعرنا من عشاق العرب حيث وقع في حب (فاطمة بن العبيد) وكانت هي من أشهر من أحب حيث كتب إحدى معلقاته الشهيرة عنها، حيث قال في أحد أبياتها:
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل
- وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ
- فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
وفاة والد امرؤ القيس
قتل والد امرؤ القيس (حجر) على يد بني أسد، فأخذ شاعرنا على عاتقه الثأر لمقتل والده رغم أنه لم يكن أكبر إخوته، وكان لمقتل والده أعظم الأثر في نفسه حيث شعر بعظم وثقل المسؤوليّة على عاتقه، وقيل بأنه هو الوحيد من إخوته لم يجزع أو يبك لمقتل أبيه، وعند تلقيه للخبر كان قد انتهى من لهوه وسكره، وأخذ يردد: ضيعني صغيراً، وحملني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر. وارتدى رداء الحرب وانطلق ينشد الأخذ بالثأر، حيث قام بالتوجه إلى بني أسدٍ فجزعوا منه وحاولوا استرضاءه، لكنه أبى فقاتلهم وأثخن جراحهم حتى فاحت رائحة الجثث.
وفاة امرؤ القيس
امرؤ القيس لم يعش طويلاً، لكن تجاربه التي مر بها لكثرة تجواله وترحاله في الأرض فاقت عدد السنوات التي عاشها أضعافا، حيث أمضى حياته بدايةً في اللهو والشرب فكان متسكعاً في البلاد، تحولت بعدها إلى حياة مسؤولة أثبت فيها بأنه فارس صلب مغوار، كان كثير التنقل والترحال حتى تجاوز جزيرة العرب متوجهاً إلى أرض الروم (القسطنطينيّة)، ووصل إلى أنقرة حيث حل التعب بجسده، وأصيب بالجدري الذي تمكن منه وصرعه، ودفن هناك. يقع قبر امرؤ القيس على تلة (هيديرليك) في مدينة أنقرة عاصمة تركيا، واختلف المؤرخون في سنة وفاته حيث يرجح معظمهم بأنه قد توفي سنة خمسمائة وأربعين للميلاد.