كيف تكونين زوجة صالحة
الزواج في الإسلام
شرع الله -عزّ وجلّ- الزواج لتكوين الأُسر والمحافظة على النسل البشريّ، فيتكاثر الناس ويعمرون الأرض، ولعلّ بناء الأسرة الصالحة هو الهدف الأساسيّ والمُبتغى الرئيسيّ للزواج، ويكون ذلك بأمر الأبناء بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وأن يقوم الوالدين عليهم بأمر الله فيأمرونهم بذلك ويساعدونهم عليه، وإلى جانب الدين والخير يجدر بالآباء والأمهات تعليم أبنائهم الأدب وتقويم سلوكهم بما يتناسب مع أخلاق الشريعة الإسلامية الغرّاء، وممّا يدلّ على ذلك الدور قول الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (ألا كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه، فالإمامُ الذي على الناسِ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيتِه، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِه وهو مسؤولٌ عن رعيتِه، والمرأةُ راعيةٌ على أهلِ بيتِ زوجِها وولدِه وهي مسؤولةٌ عنهم، وعبدُ الرجلِ راعٍ على مالِ سيدِه وهو مسؤولٌ عنه، ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه)، وتجدر الإشارة إلى أنّ التربية يجب أن تكون بشكلٍ يتناسب مع كلّ مرحلة عمريّة يمرّ بها الأبناء، وتستند بالدليل القطعيّ إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، وسيرة الصحابة والسلف الصالح، أمّا الهدف الثاني من الزواج فهو تحقيق الاستقرار العاطفي والنفسيّ، حيث بيّن الله -عزّ وجلّ- ذلك بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وإنّ للزواج ثلاثة أركان؛ أمّا الأول فهو الشعور بالمحبة والطمأنينة والصفاء بين الزوجين، وأمّا الركن الثاني فهو التعاون والتشارك بين الزوجين وبين أسرة كلٍ منهما، وأمّا الركن الثالث فهو الرحمة التي يُبديها الآباء في التعامل مع أبنائهم والمجتمع كافّةً.
الزوجة الصالحة
إنّ الثبات على دين الله -تعالى- في الدنيا المليئة بالشهوات والملذّات لا يعدّ أمراً سهلاً، ولذلك وصّى الدين الإسلاميّ الحنيف المسلم باختيار من يُعينه على ذلك، ويبدأ الأمر في المجتمع الذي يعيش فيه، ثمّ بالصديق الصالح الذي يُعينه على طاعة الله عزّ وجلّ، وينتهي المطاف باختيار الزوجة الصالحة التي تأخذ بيده إلى الجنة، وممّا يدلّ على ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من رزقه اللهُ امرأةً صالحةً فقد أعانَه على شَطرِ دِينِه فلْيَتَّقِ اللهَ في الشّطرِ الثاني)، وقوله أيضاً: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها المرأةُ الصَّالحةُ)، ويُمكن بيان كيفيّة أن تكون المرأة زوجة صالحة بالأمور الآتية:
- أن تُطيع الله عزّ وجلّ؛ فتلتزم بالفرائض، وتحرص على النوافل ما استطاعت، وتُقدّم رضا الله -عزّ وجلّ- على كلّ شيء، ومن الأدلة على ذلك قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (تُنكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها و لحسَبها و لجمالِها و لدينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يداك).
- أن تتحلّى بحُسن الطبع والخُلُق؛ فتتميّز بلطف المعاملة، وحسن انتقاء الكلام، وطيبة القلب، وسعة الصدر، ولا يصدر منها كلمات بذيئة أو فاحشة.
- أن تتحلّى بالتواضع بحيث إنّها تتقبّل النصيحة ولا تُكثر الجدال.
- أن تُطيع زوجها إذا أمرها، وتسرّه إذا نظر إليها، وتحفظه في عرضه وماله إن غاب عنها وإن حضر.
- أن تشكر زوجها على ما يُقدّمه لها، وأن تصبر على ضيق حاله.
- أن تكون مُربيةً صالحة تهدف إلى إنشاء جيل يخاف الله -عزّ وجلّ- ويحرص على تقواه ، بجيث لا يكون هدفها إنشاء جيل يحرص على الدنيا ومتاعها.
- الابتعاد عن كلّ ما يُغضب الزوج ويسيء إليه، وتجنّب فرض شخيصتها وكيانها عليه، مع ضرورة الانتباه إلى عدم إشعاره بالنقص، ويمكن القول إنّ الزوجة الصالحة هي التي تُعبّر عن شخصيتها ورأيها بطريقةٍ صحيحةٍ مع احترام الزوج وطاعته في الوقت ذاته.
- دراسة سيرة الصحابيّات والصالحات والاقتداء بهنّ.
- الحرص على جمال المظهر أمامه وطيب الرائحة، بحيث لا يرى الزوج من زوجته إلّا ما يسرّه ولا يشمّ إلّا ما يُعجبه.
- تفقّد حاجات الزوج، بما فيها الطعام، والشراب، والنوم.
- المحافظة على ماله، واستخدامه في رعاية أبنائه وعياله.
حقوق الزوجة
يُمكن تعريف حقوق الزوجة بأنّها الأمور التي تستحقّها الزوجة ويجب على الزوج القيام بها، وفيما يأتي بعض حقوق الزوجة التي وردت في القرآن الكريم، والسنة النبوية ، وبعض أقوال أهل العلم والدين:
- الحقوق الماليّة: حيث فصّل أهل العلم حقوق المرأة الماليّة في ثلاث نقاط رئيسية، بيانها فيما يأتي:
- المهر: شرع الله -عزّ وجلّ- المهر حقاً للمرأة إكراماً وتعزيزاً لها، وبياناً لعظم عقد الزواج وأهميته، فقد قال الله -عزّ وجلّ- في محكم كتابه الكريم: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)، ويجدر بالذكر أنّ المهر لا يُعدّ ركناً ولا شرطاً من شروط الزواج عند جمهور العلماء، ولكنّه أمر مترتّب على الزواج لا محالة، فإن ذُكر في العقد كان واجباً على الزوج أداءه كما ذُكر، وإن لم يُذكر يجب على الزوج تقديم المهر بقدرٍ يُعادل مثيلاتها.
- السكن: إذ يجب على الزوج أن يُوفّر سكناً مناسباً لزوجته بما يُناسب قدرته.
- النفقة: يجب على الزوج أن يُنفق على زوجته بما في ذلك الطعام، والشراب، والمسكن وإن كانت غنيّة، ولكن اشترط الإسلام لتحقيق هذا الواجب تمكين المرأة زوجها منها وعدم نشوزها، وأوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالنساء في كلّ حين، ومن ذلك ما قاله في حجّة الوداع: (فاتَّقوا اللهَ في النِّساءِ فإنَّكم أخَذْتُموهنَّ بأمانِ اللهِ واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ اللهِ ولكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرَهونَه فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضرباً غيرَ مُبرِّحٍ ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروفِ).
- الحقوق غير الماليّة: ومن الحقوق غير المالية التي أوجبها الإسلام على الزوج لزوجته:
- المساواة بين الزوجات في الكسوة، والنفقة، والمبيت.
- المعاشرة بالمعروف؛ وذلك بأن يُعاملها بلطف وخلق حسن، ويُقدم لها ما تُحبّ لتأليف قلبها.
- الامتناع عن إلحاق الضرر بالزوجة أو إيذائها بأيّ شكلٍ من الأشكال.