عالم الحيوانات المفترسة
التعريف بعالم الحيوانات المفترسة
الحيوانات المفترسة هي الحيوانات التي تتخذ مطاردة الحيوانات الأخرى وأسرها وقتلها أسلوبًا للحصول على غذائها، وهي حيوانات برية تستخدم حواسها الفطرية والمكتسبة لترشدها إلى فرائسها، والافتراس هو تفاعل بيولوجي بين الكائنات، حيث يقوم المفترس بالاقتيات على كائن حي آخر أو على عدد من الكائنات الحية الأخرى التي تدعى بالفريسة.
تتكيف حواس الحيوانات المفترسة لتسهيل سلوك الصيد، فتُظهر المفترسات سمات مثل الأسنان الحادة والمخالب التي تعزز قدرتها على اصطياد الفرائس.
وتمتلك هذه الحيوانات أيضًا أعضاء حسية حادة للغاية تساعدها في العثور على الفريسة المحتملة، كقدرة الطيور الجارحة على اكتشاف الفريسة من مسافة تزيد عن كيلومتر، وقدرة البوم على تحديد مكان الفئران عن طريق الصوت، وقدرة الخفافيش والدلافين على تحديد موقع فريستها بالصدى.
تغذية الحيوانات المفترسة
يمكن تصنيف الحيوانات المفترسة اعتمادًا على نوع الغذاء إلى صنفين وهما:
آكلات اللحوم التي تقتات على الحيوانات فقط
تحصل الحيوانات آكلة اللحوم على طعامها عن طريق تناول حيوانات أخرى، فمثلاً تتغذى النمور على حيوانات مثل؛ الجاموس والظباء والغزلان والخنازير، وكذلك جميع القطط في فصيلة السنوريات هي آكلات لاحمة ملزمة، هذا يعني أنهم لا يأكلون سوى اللحوم للبقاء على قيد الحياة، وذلك لعدم قدرتهم على هضم المواد النباتية للحصول على العناصر الغذائية منها.
ولا تصطاد جميع الحيوانات آكلة اللحوم فرائسها بنفسها، فبعضها يقتات على لحوم الحيوانات التي قتلها حيوان آخر، أو التي ماتت بشكل طبيعي، مثل النسور.
آكلات اللحوم التي تأكل الحيوانات والنباتات
تستمد هذه الحيوانات طاقتها من الغذاء على الحيوانات والنباتات والفطريات، ويعد الإنسان مثالًا رائعًا على هذا الصنف، حيث يمكن للناس الحصول على العناصر الغذائية الكافية من مجموعة متنوعة من المصادر الحيوانية والنباتية، وقد تأكل هذه الحيوانات مجموعة متنوعة من الطعام على مدار العام أو تركز على ما هو متاح موسميًا.
فمثلاً الدببة الرمادية تتناول الحيوانات التي تقتلها الذئاب، وتتناول أيضًا براعم النباتات الطازجة في الربيع، أما في الصيف فتأكل الحشائش والتوت وتفترس عجول الأيل، وخلال الخريف تأكل هذه الدببة الكثير من الصنوبر الأبيض والجذور قبل أن يبدأ السبات الشتوي.
تصنيف عالم الحيوانات المفترسة
تقسم الحيوانات المفترسة إلى حيوانات لافقارية مفترسة، وحيوانات فقارية مفترسة:
اللافقاريات المفترسة
الافتراس شائع في الحشرات وقد يكون في مجموعات مثل فرس النبي واليعسوب، وهناك أيضًا العديد من اللافقاريات غير الحشرية التي تعتبر مفترسة، كالعناكب، وهي حيوانات مفترسة متخصصة، وتشمل اللافقاريات المفترسة الأخرى؛ العقارب والعث المفترس والقواقع والرخويات المفترسة والديدان الخيطية والديدان المستوية.
عادةً ما تتغذى الحيوانات المفترسة اللافقارية على اللافقاريات الأخرى، ولكن بعضها يتغذى على الثدييات الصغيرة والطيور والأسماك والضفادع، وعادةً ما تأكل الحيوانات المفترسة اللافقارية فرائسها وهي لا تزال على قيد الحياة، إما عن طريق العض أو عن طريق ثقب الجسم وامتصاص السوائل الداخلية للضحية.
وقد تحقن الفريسة مزيج من الإفرازات اللعابية التي تعمل على شل الفريسة وتسييل أنسجتها.
تصنف المفترسات اللافقارية إلى مفترسات سلبية أو مفترسات نشطة:
- المفترسات السلبية
تميل الحيوانات المفترسة السلبية إلى الجلوس وانتظار اقتراب الفريسة، فمثلاً تنتظر حشرة السرعوف في وضع الاستعداد لفترات طويلة حتى تأتي الفريسة إلى متناول أيديها القوية.4
- المفترسات النشطة
المفترسات النشطة هي تلك التي تبحث عن فرائسها أو تصطادها، مثل ذباب اليعسوب والذباب السارق، إذ تستخدم هذه الحشرات السرعة وخفة الحركة لانتزاع الفريسة من الهواء.
الفقاريات المفترسة
تصنف الفقاريات إلى أربعة أصناف كالتالي:
الثدييات المفترسة
تحتل الثدييات المفترسة مرتبة عالية في مقياس الذكاء بين الثدييات؛ يعد حجم أدمغتها كبير بالنسبة إلى جسمها، وهو مؤشر على قوتها العقلية المتفوقة، كما تميل الثدييات المفترسة إلى إنشاء مواطن خاصة بها، غالبًا ما تكوّن أراضي حصرية، كما تقوم هذه الثدييات بالدفاع عن أراضيها الخاصة ضد الحيوانات الأخرى.
وعادةً ما يتم تمييز هذه المناطق بالإفرازات التي تنتجها الغدد الشرجية أو غدد الرائحة الأخرى، كما قد تميزها بترسيب البراز في أماكن بارزة.
تمتلك الثدييات المفترسة مثل الثدييات الأخرى، عددًا من أنواع الأسنان المختلفة؛ القواطع الأمامية ، تليها الأنياب، والضواحك، والأضراس في المؤخرة، ويحتوي دماغ الثدييات المفترسة على تلافيف معقدة مميزة للحيوانات عالية الذكاء.
كما تمتلك معدة بسيطة مقارنة بالمعدة ذات الحجرات المتعددة، لأن أنسجة الحيوانات بشكل عام أسهل في الهضم من الأنسجة النباتية، و من أشهر الأمثلة على الثدييات المفترسة؛ الأسود والنمور والثعالب.
الطيور المفترسة
تمتلك جميع الطيور المفترسة مناقير ذات رؤوس خطافية منحنية وحادة، بالإضافة إلى المخالب الحادة، كما تتمتع هذه الطيور بقدرات طيران استثنائية، ويوجد أكثر من 500 نوع من الطيور المفترسة في جميع أنحاء العالم، ويمكن العثور على أنواع مختلفة من الطيور المفترسة في كل نوع من أنواع الموائل.
من التندرا المتجمدة والصحاري الحارقة إلى الغابات الكثيفة والمدن الصاخبة، وتعد الطيور الجارحة من الحيوانات المفترسة الرئيسية في كل بيئة، ومن الأمثلة عليها؛ الصقور، والنسور، وطائر البوم.
البرمائيات المفترسة
تشكل البرمائيات جزءًا مهمًا من السلسلة الغذائية؛ إذ تستهلك الحشرات واللافقاريات الأخرى، كما تعمل البرمائيات كمؤشرات على صحة النظام البيئي، لأن جلدها القابل للاختراق وتاريخ حياتها المعقد يجعلها حساسة بشكل خاص للاضطرابات والتغيرات البيئية.
وتمر البرمائيات بمرحلة اليرقات ومرحلة البلوغ والتي غالبًا ما تكون مختلفة تمامًا عن بعضها البعض، كما تستطيع البرمائيات المحافظة على درجة حرارة أجسامها بالاستراحة في أماكن دافئة أو باردة.
الزواحف المفترسة
الزواحف هي فقاريات منتجة للحرارة لها قشور ورئة واحدة على الأقل، تتكاثر جميع الزواحف عن طريق الإخصاب الداخلي، فتضع الإناث البيض، أو تحتفظ بالبيض داخل أجسامها حتى تفقس، أو تلد صغارًا مع بعض من أجزاء المشيمة، تفقس الزواحف كنسخ مصغرة من البالغين، ومن الأمثلة على الزواحف؛ السلاحف والتماسيح والثعابين والسحالي.
أماكن عيش الحيوانات المفترسة
يمكن العثور على الحيوانات المفترسة في جميع قارات العالم، وفي جميع البيئات والمناخات، إذ يمكن إيجاد الحيوانات المفترسة في مناخات الصحراء الحارة، والمناخات القطبية الجليدية الباردة، والغابات المطيرة والأدغال، وفي قمم الجبال والوديان والمحيطات والبحيرات، إذ يمكن العثور على الحيوانات المفترسة في كل موطن معروف تقريبًا.
طرق الاصطياد في عالم الحيوانات المفترسة
لدى الحيوانات المفترسة استراتيجيات مختلفة لمطاردة فرائسها والانقضاض عليها وقتلها، ويتم تحديد ذلك من خلال تركيبتها الجسمية، وسرعتها وخفة حركتها، وكيف تقتل أو تصيب فريستها، كما يلعب الموطن الذي تعيش فيه أيضًا دورًا في كيفية قيام المفترس بالصيد.
المطاردة
تستغرق المطاردة كثيراً من الوقت والجهد للاصطياد، تركز الحيوانات المفترسة التي تطارد فرائسها على الأنواع التي ستوفر تغذية كافية لتعويض الطاقة المحروقة أثناء المطاردة، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل الصقر يميل إلى أكل القوارض والطيور أكثر من الجنادب، حيث لا تقدم الجنادب قيمة غذائية كافية لتبرير الجهد الذي يتطلبه الإمساك بهم.
المراقبة بصمت
هذه الطريقة لا تتطلب الكثير من الطاقة، إلا أنها بعض الوقت في البحث عن الطعام، كما يستطيع المفترس اختيار فريسة أصغر يمكنها تلبية متطلبات الطاقة الخاصة به، فعلى سبيل المثال يقوم مالك الحزين باستخدام تقنية المراقبة للاصطياد، فيقف بلا حراك في المياه الضحلة ويبحث بصبر عن فريسة.
عندما يرى مالك الحزين فريسته فإنه يمسكها باندفاع سريع باستخدام منقاره الطويل الحاد.
الكمين
هي طريقة يقوم فيها المفترس بالاختباء والانتظار حتى تأتي الفريسة بالقرب منه، ومن ثم ينقض عليها سريعًا قبل هربها، وعلى الرغم من أن هذه الطريقة في الصيد تتطلب القليل من الجهد، لكن فرصة الحصول على الطعام من خلالها منخفضة، ويعد التمساح من الأمثلة على الحيوانات المفترسة التي تصطاد بطريقة الكمين.
كما أن معظم صيادي الكمائن هم صغار إلى حد ما لأن الكمين الناجح يعتمد على المفترس الذي لا يُكتشَف بسهولة.
الصيد ضمن مجموعات
بعض الحيوانات تصطاد في مجموعات، فعادةً ما تعيش الذئاب والأسود والضباع في فرق عائلية، ليس فقط لملاحقة فريسة أكبر، بل ولحماية صغارها من الحيوانات المفترسة الكبيرة الأخرى، وهناك حشرات استوائية تصطاد كجزء من فريق أيضًا.
إذ يسافر نمل الجيش الأمريكي الجنوبي بعشرات الآلاف ويلتهم كل شيء حي في طريقه من الحشرات والثعابين والماشية والجرذان والفئران.
أعضاء وطرق تستخدمها الحيوانات المفترسة للصيد
لدى الحيوانات المفترسة أعضاء خاصة تستخدمها كأسلحة لقتل وإصابة فريستها، وتختلف هذه الأعضاء باختلاف الحيوان، وفيما يأتي الأعضاء التي تستخدمها المفترسات في الصيد:
- الأسنان الحادة
كثير من الحيوانات المفترسة لديها أسنان حادة لعض فرائسها وتمزيق لحومها، مثل الأسود.
- الفك
فهو مفيدًا مثل الأسنان، وبعض الثعابين قادرة على توسيع فكيها لابتلاع فرائسها كاملة، حتى أنها قادرة على التهام حيوانات أكبر منها حجمًا.
- المناقير
الطيور لها مناقير بدلاً من الأسنان التي تستخدم لالتقاط وتمزيق وطحن طعامها.
- المخالب
يمكن استخدامها مثل السكاكين لقطع الفريسة وشقها، تستخدم القطط الكبيرة مخالبها عن طريق غرزها داخل الفريسة، والطيور لها مخالب تستخدمها للاستيلاء على الفريسة أيضًا.
- اللسان
يستخدم عدد قليل من الحيوانات ألسنتهم كسلاح للقبض على الفريسة، مثل السحالي.
- السم
يستخدم السم من قبل بعض الحيوانات المفترسة لقتل أو شل حركة فريستها، مثل العناكب والثعابين.
- التمويه
قد لا يكون التمويه في حد ذاته سلاحًا، ولكن بعض الحيوانات تستخدمه لمصلحتها من خلال الاندماج في المناطق المحيطة لمفاجأة فريستها، مثل الثعالب والحرابي.
الافتراس هو ضرورة بيئية لاستمرار الحياة البرية، فهو الطريقة الوحيدة لبعض الكائنات لضمان استمراريتها وتكاثرها، كما أنه يخلص بعض المجتمعات الحيوانية من الحيوانات المريضة والضعيفة، والتي لا تكون قادرة على حماية نفسها، كما تخلص بعض الحيوانات المفترسة البيئة من الجيف ورفات الكائنات الميتة.