صفات أهل الجنة في الدنيا
الجنة
ذُكرت صفة الجنة وأهلها في العديد من النصوص القرآنية والنبوية، وبيّن الله -سبحانه- النعيم الذي يتنعّمون به، فما يشتهون شيئاً إلا يأتيهم، قال تعالى: (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، إضافةً إلى أنهم يتنعّمون في الجنة فلا يموتون فيها ولا يفنون، وينعم الله -سبحانه- عليهم برضاه الأبديّ عنهم، فلا يسخط عليهم أبداً، روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالَى يقولُ لأهْلِ الجَنَّةِ: يا أهْلَ الجَنَّةِ؟ فيَقولونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنا وسَعْدَيْكَ، فيَقولُ: هلْ رَضِيتُمْ؟ فيَقولونَ: وما لنا لا نَرْضَى وقدْ أعْطَيْتَنا ما لَمْ تُعْطِ أحَدًا مِن خَلْقِكَ، فيَقولُ: أنا أُعْطِيكُمْ أفْضَلَ مِن ذلكَ، قالوا: يا رَبِّ، وأَيُّ شيءٍ أفْضَلُ مِن ذلكَ؟ فيَقولُ: أُحِلُّ علَيْكُم رِضْوانِي، فلا أسْخَطُ علَيْكُم بَعْدَهُ أبَدًا)، ومن أعظم النعم التي يتنعّم بها أهل الجنة رؤية وجه الله سبحانه، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، قالَ: يقولُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: تُرِيدُونَ شيئًا أزِيدُكُمْ؟ فيَقولونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنا؟ ألَمْ تُدْخِلْنا الجَنَّةَ، وتُنَجِّنا مِنَ النَّارِ؟ قالَ: فَيَكْشِفُ الحِجابَ، فَما أُعْطُوا شيئًا أحَبَّ إليهِم مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ عزَّ وجلَّ).
صفات أهل الجنة في الدنيا
يتّصف أهل الجنة بعددٍ من الصفات والخصائص في حياتهم الدنيا التي تميّزهم عن غيرهم من العباد، وفيما يأتي تفصيل البعض منها:
- الإيمان بالله : يتّصف أهل الجنة بإيمانهم وتصديقهم ويقينهم بالله سبحانه، إضافةً إلى الإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل عليهم الصلاة والسلام، واليوم الآخر، والقدر بما يتضمّنه من الخير والشر، ولا بدّ أن يكون الإيمان بالخضوع والاستسلام التام لله، والانقياد له، بجميع الأقوال والأعمال.
- الصلاة: قال الله -سبحانه- في محكم كتابه: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، فأهل الجنة يؤدّون الصلاة في حياتهم الدنيا بخشوعٍ وحضورٍ للقلب والجوارح، مع استشعارهم بأنهم واقفون بين يدي الله سبحانه، يخاطبونه ويتحدثون إليه، ويتقرّبون إليه بالدعاء والذكر، أي أن الخشوع في الصلاة لا بد أن يكون بخشوع الظاهر والباطن على حد سواء، إضافة إلى أنهم يؤدّونها في أوقاتها المحدّدة لها دون تضييعٍ لها أو تفريطٍ بها، مع الحرص على الإتيان بشروطها وأركانها وواجباتها.
- الإعراض عن اللغو: ويقصد باللغو الكلام الذي لا فائدة تتحقّق منه، إضافةً إلى أن اللغو يشمل الأفعال التي لا تشمل الخير والفائدة، قال تعالى في وصف أهل الجنة: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، فالطامعون في نيل الجنة يستغلّون أوقاتهم فيما يحقّق لهم الفائدة، ويعرضون عن كل أمرٍ لا ينالهم به بر وخير.
- أداء الزكاة: ويقصد بالزكاة أحد أمرين؛ فإما أن تكون الزكاة المتعلقة بالأموال بأداء ما يجب فيها حقّاً لله سبحانه، وإما أن المقصود زكاة النفس بالأقوال والأفعال الصائبة.
- حفظ الفروج: فأهل الجنة يحفظون فروجهم عن الوقوع في المحرّمات من الزنا واللواط وغير ذلك من الفواحش، طاعةً وامتثالاً لأوامر الله سبحانه، إضافةً إلى حفظ ما يؤدّي إلى المحرّمات من النظر واللمس، ويستثنى من ذلك ما أحلّه الله.
- أداء الأمانة: فالطامعون في الجنة حافظون للأمانات من الأقوال والأفعال والأعين، إضافةً إلى حفظ العهود المتعلّقة بالغير؛ كالنذر لله، والعهود بين الناس، أي أن حفظ الأمانات وأدائها يتعلّق فيما بين العبد وغيره من الناس، وفيما بين العبد وربه.
- التقوى: ويقصد بها مراقبة الله -سبحانه- في السر والعلن، وتجنّب الأمور القبيحة السيئة خشيةً منه ومن عذابه، قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
- الصدق: قال تعالى: (قَالَ اللَّـهُ هَـذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)، وقال الرازي شارحاً الآية السابقة: "اعلَم أنه تعالى لَمَّا أخبر أن صدق الصادقين في الدنيا ينفعُهم في القيامة، شرح كيفية ذلك النفع، وهو الثواب، وحقيقة الثواب أنها منفعةٌ خالصةٌ دائمةٌ مقرونةٌ بالتعظيم".
- التوبة : إذ وعد الله -سبحانه- التائبين بالجنة، إكراماً منه وتفضّلاً، فالتوبة ماحيةٌ وجابّةٌ لما قبلها من الذنوب والمعاصي، وترك الواجبات والفرائض.
صفات أهل الجنة الخَلقية
وردت عدّة احاديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- تبيّن الصفات الخلقية لأهل الجنة، منها: أن طولهم يبلغ ستين ذراعاً، وأجسادهم خاليةٌ من الشعر، وأعمارهم ما بين الثلاثين سنة والثلاث وثلاثين، ودليل ذلك ما رواه الصحابي معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (يدخلُ أهْلُ الجنَّةِ الجنَّةَ جُردًا مُردًا مُكَحَّلينَ أبناءَ ثلاثينَ، أو ثَلاثٍ وثلاثينَ سنةً)، وجمال أهل الجنة كجمال يوسف عليه الصلاة والسلام، وقلوبهم كقلب أيوب عليه السلام.
أعمالٌ تُدخل الجنة
يسّر الله -سبحانه- على عباده بعض العبادات والطاعات السهلة اليسيرة ذات الأجر العظيم والثواب الجزيل، إلا إن الأعمال لا بدّ لقبولها أن تكون النية فيها لله -سبحانه- وحده، وأن يكون القائم بها مؤمناً متابعاً للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن تلك الأعمال:
- الجهاد والقتال في سبيل الله بالنفس والمال، قال تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّـهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ).
- قراءة آية الكرسي دبر كل صلاةٍ من الصلوات المكتوبة، كما ورد الوعد في الجنة لمن حرص على سيّد الاستغفار.
- صلاة اثنتا عشرة ركعة كل يومٍ وليلة طاعةً وامتثالاً لله سبحانه.
- امتثال الأخلاق الحسنة، والصفات القويمة، واكتسابها، ويمكن اكتسابها بالنظر في القرآن الكريم والسنة النبوية وسيرة الصحابة رضي الله عنهم، ويمكن التعرّف إلى أحسن الأخلاق بالنظر في الكتب التي جمعت أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، مثل: كتاب مختصر الشمائل المحمّدية للإمام النووي.
- الحرص على الطهارة بعد كل حدثٍ.
- الحرص على أداء الصلوات المفروضة في المسجد.
- أداء الحج المبرور لله سبحانه.
- إماطة الأذى عن الطريق.
- التعفّف عن سؤال الناس.
- الإحسان إلى البنات، والحرص على تربيتهنّ والصبر عليهنّ.