تعريف النزعة العقلية في الفلسفة
تعريف النزعة العقلية في الفلسفة
تعد النزعة العقلانية تيارًا فلسفيًّا ظهر كنتيجة لموقف الفلاسفة من المفاهيم العقلانية، ويمكن عده من المفاهيم المرتبطة بنظرية المعرفة التي تندرج تحت مبحث الأبستمولوجيا في الفلسفة، فالتيار العقلاني، هو في الغالب تيار مثالي، يرى فلاسفته أن المعرفة الحقة لا تكون إلا من خلال العقل وحده، والهدف من هذا هو إضفاء سلطة للتفكير البري والحد من تدخل أي سلطات خارجية.
فالعقل هو الإمام الهادي إلى الحقيقة، ولا يجوز أن تتدخل في طريقة تفكيره العوامل الخارجية، ويقصد بها في الصور الحديثة السلطة الدينية، وتدخل رجال الدين، وهذا ما قصده ديكارت تحديدًا، وتجدر الإشارة إلى أن النزعة العقلية لم تكن مقتصرةً على الفلسفة اليونانية والفلسفة الغربية، وإنما كان هنالك نزعة عقلية في الفلسفة الإسلامية، التي ظهرت مع ازدهار حركات الترجمة والاطلاع على الفكر الفلسفي اليوناني.
تعريف النزعة العقلية في الفلسفة اليونانية
العقل هو الملكة التي تميز بها الإنسان عن باقي الكائنات، وظهرت النزعة العقلية في الفلسفة اليونانية من خلال العديد من الفلسفات، أهمها الفلسفة السقراطية، فسقراط مجد العقل، وارتبط بالنسبة له بفلسفة الأخلاق، وقال في هذا الصدد: "المعرفة فضيلة والجهل رذيلة"، تأكيدًا منه على أن الإنسان لا يمكن أن يسلك الطريق الصواب إلا إذا كان عارفًا به، ولا يمكن أن يخطئ إلا عن جهل.
وكانت النزعة العقلية في الفلسفة السقراطية رد فعل على القيم السفسطائية التي هدمت المعرفة العقلية، ومجدت من قيم الذاتية، فغدا الإنسان مقياسًا للأشياء، وبالتالي لا يوجد أي معيار عقلي ثابت، وهاجم أفلاطون السفسطائين بعد سقراط ، ومجد من العقل فعد الحكمة فضيلة لمن يحم مجتمع المدينة، فالحكام يجب أن يكونوا فلاسفة، وذكر أن من لا يحكم نفسه ويتحكم بها، لا يمكن أن يحكم مجتمع أو دولة.
تعريف النزعة العقلية في الفلسفة الإسلامية
يعد ابن رشد عميد النزعة العقلية في الفلسفة الإسلامية، وبيّن قيمة العقل في الدين الإسلامي من خلال عمله كفقيه، وقاضي، فقال أن الفلسفة والشريعة أختان، والنزعة العقلية عند ابن رشد ظهرت من خلال كتاباته، وشروحاته للمنطق الأرسطي باعتبار أرسطو مؤسس علم المنطق.
وبالنسبة لابن رشد يظهر توافق العقل للشريعة الإسلامية من خلال فكرته في عدم التناقض، بحكم مصدرهما، ويقول في هذا الصدد أنه من غير الممكن أن يمنح الله للإنسان عقلًا، ثم يرسل له شرائع مناقضة له، وفصل في هذه المسألة من خلال العديد من المؤلفات، أهمها كتاب فصل النقال فيما بين الشريعة والحكمة من اتصال، فالحق بالنسبة له لا يضاد بالحق، وكلا الأمرين حق.
كما أن ابن رشد لم يكن مترجمًا أو مجرد شارح، رغم أنه عرف بلقب الشارح الأكبر، إلا أنه وضح أن أخذ علوم الأولين -المقصود بهم اليونان- لا يكون حرفيًا، لذلك كان يتمتع بحس نقدي، ويصوب ما يراه خاطئًا.