تعريف المجال الحيوي
تعريف المجال الحيوي
يُمكن تعريف المجال الحيويّ بأنّه عبارة عن المساحة اللازمة لنموّ واستمرار الكائن الحيّ، وقد أصبح هذا المصطلح مُستخدمًا في جانب التخطيط السياسيّ والاستراتيجيّ في الجغرافيا السياسيّة الدوليّة، حيث اعتُبرت الدولة كائنًا حيّا وحدودها هي امتداد طبيعيّ لمصادر ثرواتها ومعابرها.
يمكن تعريف المجال الحيويّ كنظريةٍ سياسيةٍ بأنّه حاجة الدولة إلى مساحةٍ إضافيّة من الأراضي كلّما نمت أكثر، وبمعنى آخر فإنّ مفهوم المجال الحيوي هو تبرير لتوسّع الدول الكبرى على حساب الدول الأخرى لتأمين حاجات شعبها دون النظر إلى حاجات الشعوب في هذه الدول إلا بما يتناسب مع مصلحتها.
تاريخ نظريّة المجال الحيوي
كانت ألمانيا النازيّة هي أوّل من فكر بهذه الطريقة في زمن حكم النازية إبّان قوتها، وذلك بهدف تأمين النمو لاقتصادها، حيث لزمها التوسع في أراضي الدول المجاورة لها لتأمين المواد الأولية اللازمة لاقتصادها لبناء الأمة الألمانية، وضمن هذه النظرية لا يوجد حدود لهذه الأطماع، بل تتناسب الأطماع طردياً مع النموّ الاقتصادي والعسكري.
دخلت ألمانيا بهذه العقلية في حربها العالمية الأولى والثانية مع أغلب دول العالم، وتسببت بدمار العالم وبخسائر بشريةٍ لا تعدّ ولا تحصى، وتوقف الاقتصاد ودُمّرت المصانع وسُرّح العمال وانتشرت المجاعات والأوبئة والأمراض ويُمكن القول بأنّ العمل بنظرية المجال الحيوي دمّرت العالم، وأعادته إلى الخلف مئات السنوات.
بدأت الحرب الباردة بين المعسكرين الأمريكيّ والروسيّ، فقد كانت أمريكا تسعى لتوسيع مجالها الحيوي؛ وكذلك روسيا إلّا أنّ الفرق بينهما وبين ألمانيا النازية هو أسلوب التوسّع، فكانت سابقاً الآلة العسكرية هي المرتكز الأساسي للتوسّع وتطبيق نظريّة المجال الحيويّ، إذ تُحتلّ دولة ويُستعمل شعبها وتُستغلّ ثرواتها.
انتهت الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي وأصبح العالم لفترة طويلة من الزمن بإدارة دولةٍ واحدةٍ، وأصبح العالم بأسره يقع ضمن مجالها الحيوي، حيث تقوم بدور الشرطي الرقيب على أداء الدول فتحاكم وتسجن وتستجوب من يهدّد مصالحها وتوقع الاتفاقيات التي توفّر لها المواد الأولية، وتُوقّع العقود لشراء منتجاتها وتوقّع الاتفاقيات لإقامة القواعد العسكرية لحماية كلّ هذه المنجزات.
تطوّر مفهوم المجال الحيوي
تطوّر مفهوم نظرية المجال الحيوي وتطورت أدوات التنفيذ وبقي الهدف هو نفسه، وأصبحت الأدوات الجديدة يظهر فيها وجه الإنسانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الأطفال وحقوق النساء وحقوق السجناء وهكذا، ومنظومة طويلة من الحقوق تقوم على رأسها جمعيات تحت السيطرة حتى أصبحت سيادة الدولة بالمعنى الحقيقي غير موجودة فعلياً، وأصبح معنى السيادة لبلد ما يرتبط بمصلحة دولة كبرى.
تبدّل مفهوم المجال الحيويّ بمصطلح هو مجال الصراع، والذي بُني عليه العديد من حروب الإبادة والتطهير العرقيّ والمذابح حول العالم، وبسبب هذه النظريّة تفتت العديد من الدول إلى دويلات صُغرى تبحث كلّ واحدة منها عن مصالحها دون النظر إلى مصالح جوارها، وظهور العديد من القوميّات المبنيّة على أسس عرقيّة أو دينيّة.