تعريف القضاء
تعريف القضاء لغة
يعرف القضاء لغة بأنه مصدر مُشتق من الفعل قضى ، وله عدّة معانٍ إلّا أنّ جميع هذه المعاني تنتهي كلّها عند معنى الفصل والحكم وحسم الأمر وإنجازه، ومن معاني القضاء:
- الحكم: كما ورد في قوله تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً }.
- التقدير والصنع: قضى عمله يأتي بمعنى قدرهنّ وصنعهن، كما ورد في قوله تعالى: { فَقَضَىٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَاتٍۢ فِى يَوْمَيْنِ }.
- الفراغ والانتهاء من الشيء: كما في قوله تعالى: { فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ }، أي انتهى قتله.
- الأداء والانتهاء: كما في قوله تعالى: { قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }، وقوله تعالى: { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰٓؤُلَآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ }.
- الإرادة: كما في قوله تعالى: { إِذَا قَضَىٰٓ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ }.
تعريف القضاء في الاصطلاح الشرعي
اختلف علماء الفقه الإسلامي في تعريف القضاء ؛ فمنهم من يعرّفه على أنّه فعل يؤدّيه القاضي، ومنهم من يعتمد في تعريفه على أنّه صفة حكمية لمن يؤدي الفعل وتوجب تطبيق حكمه، كما اختلفوا في اختصاصات القضاء، وهل تشمل المنازعات وغيرها أم فقط المنازعات، إلّا أنّه يُمكن دمج جميع الآراء والتعريفات لجميع المذاهب بالقول أنّ القضاء في الاصطلاح الشرعي هو: "مجموعة من النظم والقوانين الشرعية التي سنّها الإسلام للفصل والحكم بين الناس في خصوماتهم"، ومراجع هذه القوانين من كتاب الله وسنة رسوله الله عليه الصلاة والسلام، ثم من إجماع المسلمين وقياساتهم واجتهاداتهم، وما يُمكن أنْ تصل إليه اجتهادات القضاة المجتهدين في كل زمان والمبنية على أساس تحقيق العدالة.
من خلال تبيان التعريف اللغوي والتعريف الاصطلاحي للقضاء وتتبّعهما؛ يُلاحظ ارتباطهما معًا من منطلق العموم والخصوص؛ فالتعريف اللغوي أكثر شموليّة من التعريف الاصطلاحي؛ فهو يعبّر عن الحكم والفصل في أمور المنازعات وغيرها، أمّا التعريف الاصطلاحي فهو مختص فقط بالحكم والفصل بين الناس في المظالم والمنازعات وأي اعتداء على حدود الله تعالى.
تعريف القضاء في الاصطلاح القانوني
تتعدّد التعريفات في الاصطلاح القانوني لمفهوم القضاء والذي يُعرف أحيانًا باسم السلطة القضائيّة، ويُمكن تعريف السلطة القضائية بأنها السلطة التي تختص بتفسير القانون وتطبيقه من أجل فض النزاعات بمقتضى هذا القانون، وقد تكون هذه النزاعات بين الأفراد أو بين الأفراد والحكومة.
تعريف القضاء في المعجم الوسيط
يُمكن تعريف القضاء كما ورد في المعجم الوسيط على أنّه "الحكم والأداء والفصل وعمل القاضي أو الهيئة المختصة من أجل البحث في الخصومات وحلّها بناءً على مجموعة من القوانين" والقضاء في المساجد أي الفصل والحكم بين الناس في المسجد.
يُمكن القول من خلال التعريفات السابقة أنّ القضاء هو "سلطةُ الفَصْل بين المتخاصمين، وحماية الحقوق عامةً، بالأحكام الشرعية" وهو سلطة ملزمة تهدف من خلال الفصل بين الخصوم إلى حماية الحقوق، ومنع الضّرر، وتطبيق أحكام الشريعة على الناس أفرادًا أو جماعات أو مؤسسات، وإلزامهم بها.
أهمية ودور القضاء أو النظام القضائي
بعد بيان التعريف اللغوي والاصطلاحي والقانوني للقضاء، من المفيد لوضوح المعنى تبيان أهمية القضاء ووظائفه من خلال النقاط الآتية:
- إنصاف الناس: إنّ الوظيفة الأساسية للقضاء هو تحقيق العدالة ومعاقبة من تثبت إدانته وإعادة الحقوق لأصحابها وتعويضهم.
- تفسير القوانين وتطبيقها: من وظائف القضاء الرئيسيّة تفسير القوانين وشرحها وتوضيحها ثمّ تطبيقها؛ فكل قانون يحتاج إلى تفسير من قِبَل القضاة ليُطبق على الحالات المحدّدة المعني بها.
- سنّ القوانين: تفسير القوانين من قِبَل القضاة يرقى إلى مستوى أعلى وهو سن القوانين، لأنّ هذه التفسيرات فعليًّا هي التي تُحدّد معنى وطبيعة ونطاق هذه القوانين.
- الإنصاف: عندما يكون القانون غامضًا بعض الشيء ويبدو متعارضًا مع بعض القوانين الأخرى، يلجأ القضاة إلى حسّ العدالة والإنصاف لديهم والحرص على البقاء على الحياد والأمانة والحكمة للبت في الأحكام، وتُعد هذه القرارات نوع من أنواع تفسير القوانين وسنّها.
- حماية الحقوق: فالقضاء يهتم بحماية حقوق الشعب، وهو حق من حقوق المواطن عند تعرّضه لأي تهديد أو تعدٍّ من قبل الأفراد أو المؤسسات الحكوميّة.
- الوصاية على الدستور: فالقضاء لديه سلطة المراجعة القضائية؛ إذ يُمكن للسلطة القضائيّة إجراء مراجعة قضائيّة على أي قانون لتحديد ما إذا كان يتوافق مع الدستور.
- سلطة إنفاذ القرارات القانونية وأحكامها: يُمكن للقضاء توجيه السلطة التنفيذيّة لتنفيذ أحكام القضاء والقرارات واستدعاء أي شخص للمثول أمام القاضي والاستماع إليه مباشرة.
- تسيير الإدارة القضائية: القضاء هيئة منفصلة ومستقلة عن كل من الهيئة التشريعية والتنفيذية، ولها تنظيمها الخاص ومسؤوليها الذين يقومون بتنظيم وإدارة عمل القضاة وغيرهم من الأشخاص العاملين في المحاكم، وتوظيفهم، ووضع قواعد السلوك القضائي.
- وظائف استشارية: يمكن للمحاكم إعطاء آراء استشارية للحكّام في المسائل القانونية.
- إجراء التحقيقات القضائيّة: ا لتحقيق في بعض الحوادث الخطيرة الناتجة عن الأخطاء أو التقصير من جانب الحكومة أو بعض الموظفين العموميين.
- وظائف أخرى متنوعة: من وظائف القضاء الأخرى؛ تعيين بعض المسؤولين المحليين في المحكمة، وتسوية قضايا الميراث في الممتلكات والحقوق، ومنح التراخيص وبراءات الاختراع وحقوق النسخ، وتعيين الأوصياء، وقبول الوصايا، وتجنيس الأجانب، وتعيين الحراس، والزواج وقضايا الطلاق والالتماسات الانتخابية وما إلى ذلك.
يجب على الدولة أن تؤكّد من خلال دستورها وسياساتها وقوانينها على الاستقلال الكلي للنظام القضائي عن باقي هيئات الدولة وأجهزتها؛ فالمحاكم المستقلة هي الضمان الأساسي لاحترام حقوق الأفراد تبعًا للقوانين الدولية لحقوق الإنسان، ويتعيّن على الدولة من خلال النظام القضائي منح القضاة والمحامين وأعضاء النيابة العامة حريّة ممارسة مهامهم الوظيفيّة وحمايتهم من أي ضغوط واعتداءات وتهديدات سواء أكانت سياسيّة أو اجتماعيّة، أو غيرهما.
الخلاصة
يعرف القضاء بأنه الحكم والإنفاذ بإتقان، وهو السلطة المسؤولة عن الفصل بين الأطراف المتخاصمة وفقًا لأحكام الشريعة والقانون، وأحكامها مُلزِمة ومستقلّة، ويُحرص القضاء على حماية الدستور وحقوق الأفراد من خلال تطبيق القوانين وإجراء التحقيقات القضائية، والمساهمة بالاستشارات القانونية، فهو نظام أساسي مستقل في الدولة لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.