تعبير عن العلم والعمل
احــرص ْبُـنـَيَّ عـَـلـى الـْعـُـلـوم ِجـَـمـيــعـِهـــا
- لا تـَنـْـس َأنْ تـَـبـْقـى بـِعـِلـْـمـِكَ عـامِـلا
مـَـثـَـلُ الـَّـذيـنَ بـِعـِلـْمـِهـِمْ لـَمْ يـَـعـْـمـَـلـُوا
- كـَالـْعـَـيـْر ِبـِالأسـْـفـار ِكانَ مـُحـَمـَّـــلا
العمل هو المصباح الذي يضيء الطريق بفتيل العلم، فلا نجاح للعمل إلا بالعلم، ولا ثمرة للعلم إلا بالعمل، وقد ارتبط هذان اللفظان ارتباطاً وثيقاً ليكمّل كل منهم الآخر، بهذه الكلمات بدأ الأب حواره مع ابنه الذي بادره متسائلاً: ممم كيف ذلك يا أبي؟ فإنّي أراهما حقلين منفصلين عن بعضهما البعض؟ فكم من عالم فضّل أن يجلس بغير عمل، وكم من عامل بغير علم؟!
أجاب الأب: أصبت يا بني، فقد نرى في مجتمعنا ما ذكرته من نماذج، لكنّ الإسلام أكّد على ضرورة أن تُجنى ثمار العلم من خلال العمل، وأن يكون هذا العلم باباً له؛ لتكون العلاقة بينهما علاقة صحيحة ومثمرة على أكمل وجه؛ وقد جاء هذا في نصوص كثيرة من القرآن والأحاديث النبويّة الشريفة، حيث قال نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم في ذلك: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وعن علمه ما عمل به) وقد حرص السلف على تأكيد هذه العلاقة وتطبيقها، فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (تعلموا فإذا علمتم فاعملوا).
الإبن: فهمت الآن، ولكن ما أهمية هذه العلاقة في ظل ما نشهده من تنوِّع وتطوِّر علمي اليوم يا أبي؟
الأب: إنّ العلاقة يا بني بين العلم والعمل لا تنحصر بزمان ولا بمكان، فهي قانون عام يحكم كافة العلوم في شتى مجالات الحياة؛ فالطب، والهندسة، والتعليم، والمهن الحرفية، وغيرها من العلوم على اختلاف أنواعها، إذا لم تقرن بعمل يُخلص به صاحبه ويسخّر فيه ما تعلمّه واكتسبه من معرفة فلا فائدة من وجودها، ويعبرِّعن العلم بلا عمل كشجرة بلا ثمار، أو كنهر متجمّد ماؤه لا ينفع ولا يُستفاد منه، والعامل قد يعمل وينتج إلّا أنّ ذلك سيكلفه من الجهد والوقت أضعافاً عّما كان سيكلفه لو أنجز ما أنجزه عن دراية وعلم ومعرفة، لا سيما في ظل ما نشهده اليوم من تطورات علمية متسارعة، تستدعي الإطلاع الدائم على آخر التحديثات والمستجدات حتى لا نبدو معزولين عن العالم بأسره؛ إذ تُسهّل هذه الأدوات والمُخترعات التواصل بين البشر وتلبّي حاجاتهم بيُسر وسهولة.
الابن: صدقت يا أبي، ولكن ما هي الثمرات المترتبة على الفرد والمجتمع نتيجة لذلك؟
الأب: اعلم بني بأنّ لذلك الكثير من الآثار على كليهما؛ فالعمل أساسه العلم كما قلنا، فإذا صلح الأساس صلح البناء وتفوّق العامل بعمله وعُرف بإتقانه له، فكان ذلك سبباً في رضى الله عنه وفي رزقه، وهو ما سينعكس على حياته الاجتماعية والاقتصادية بالتحسٌّن والاستقرار، ولك أن تتخيّل إذا ما أتقن كل عامل في هذا المجتمع عمله، وكيف سيساعد ذلك على نهضة الوطن ومواكبته للتطورات، واندثار الآفات الاجتماعية والاقتصادية التي نعاني منها يا محمد.
الابن: أصبت يا أبي، فالفرد أساس التغيير الذي به ترتقي الأمم وتزدهر.