تعبير عن أهمية العلم للفرد والمجتمع
العلم للفرد والمجتمع
قال الله تعالى: "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا" ما أجمل هذه الآية الكريمة وما أروع معناها؛ الدعاء والطلب من الله أن يزيد المرء علماً لا مالاً ولا ميراثاً ولا جاهاً إنّما علماً، لأن العِلم هو النبراس الذي تضاء به الظلمات الحالكة، وهو الراية العالية التي ترشد إلى ما فيه خير الإنسان في الدنيا والآخرة.
العِلم بقول خير المرسلين صلّى الله عليه وسلّم فريضة على كل مسلمٍ ومسلمةٍ، وأن الذي يسلك في طريق يريد به العِلم يسير وسهل الله له ذلك ويسَّر له طريقاً إلى الجنة، وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول: "إنّما بُعُثتُ مُعَلِّما" فكان حريصاً على تعليم أصحابه لإدراكه بمكانة العِلم وأهميته في نهضة الأمة وتطورها على مر الأزمان، فبعد غزوة بدرٍ الكبرى ووقوع كفار قريشٍ في الأَسِر فقرّر الرسول الكريم أن يكون فداء المتعلم منهم بأنّ يعلم عشراً من أصحاب الرسول القراءة والكتابة بدلاً من أن يُفدى بالمال، وكان يحث أصحابه على تعلم لغاتٍ أخرى لأنّ من عرف لغة قومٍ أمِن شرّهم وأذاهم.
وعن أهمية العلم للفرد، قال الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)، ومن فوائد العلم:
- توسعة مدارك الفرد وقدرته على الفهم والإدراك والاستيعاب والتحليل والنظر إلى الموضوع أو القضية من أكثر من زاويةٍ.
- العلم يكسب الفرد الاحترام الذاتي والاحترام والتقدير والمهابة من قبل الآخرين ويرفع درجته كما أخبر بذلك القرآن الكريم.
- العلم ينير العقل ويهدي إلى الحق والصواب إذا استخدم في الخير وقُصِد به النفع للنفس وللناس.
- بالعلم تستطيع كسب الرزق والحصول على الوظيفة الملائمة الثابتة في القطاع الحكومي والخاص.
- العلم يسهل على الفرد الحياة ويُطوع كل شيءٍ لخدمته من الطبيعة والتكنولوجيا فيصبح كل شيءٍ بمتناول يديه.
أما بالنسبة للمجتمع، تظهر اهمية العلم فيما يأتي:
- العلم يبني المجتمعات القوية المتماسكة المكتفية ذاتياً المعتمدة على نفسها في تعليم أبنائها للحصول على جيلٍ متعلمٍ واعٍ مثقفٍ يستطيع التقدم بالمجتمع اقتصادياً وصناعياً وحضارياً.
- العلم جزء من حضارة المجتمع وهي الوسيلة الوحيدة للتغلب على المشاكل التي تواجه المجتمع على الصعيد الاجتماعي والبيئي والطبيعي.
- بزيادة عدد المتعلمين في المجتمع تقل الجريمة والمشاكل الناتجة عن قلة التعليم كالتسول وعمالة الأطفال والمراهقات والمشاكل الاجتماعية الأخرى والظواهر السلبية في المجتمع.
- العلم يحمي المجتمع من سيطرة أفكار وأكاذيب مضللة على أبناء المجتمع من فئات تريد الشر لأي مجتمعٍ كان.
- العلم يجعل المجتمع يحقق الريادة في العلوم والصدارة في مراكز القوة والمال والأعمال ويصبح من الدول الأكثر سيطرة على العالم.
العلم وأهميّته
يمكن التعبير عن العلم بأنه منير الظلمة، وكاشف الغمة، وباعث النهضة، هو سلاح لكل فرد ولكل مجتمع يريد أن يتحصن ويهابه العدو، وهو أساس سعادة الفرد، ورفاهية المجتمع ورخاء الشعوب، والبشر جميعا. وقد حث الله سبحانه وتعالى على طلب العلم لما له من أثر فعّال، ونفع كبير يعود على الذات الفردية والجماعية، قال الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم* علّم الانسان ما لم يعلم). ونستطيع أن ندرك ما تحويه هذه الآيات من دليل واضح على فضل العلم، وعلو منزلته، وأثره العظيم ومدى أهميّته، ومن مقدمات هذا الدليل أنّ هذه الآيات هي أولى آيات القرآن الكريم نزولاً على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّها جاءت في أول سورة نزلت على قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبدأت هذه الايات بلفظ (اقرأ) الذي هو أحد وسائل إدراك العلم، والحصول عليه.
وقد حض النبي صلى الله عليه وآله وسلم على طلب العلم، فقال صلى الله عليه واله وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وما نشاهده اليوم من المصنوعات والمخترعات الحديثة من سفن فضاء، وصواريخ عابرة للقارات، وطائرات أسرع من الصوت، ومنها من دون قائد، وقمر صناعي، وعقل الكتروني، وغير ذلك من المخترعات الحديثة التي خدمت الإنسان المعاصر، كل ذلك دليل ظاهر، وبرهان ساطع، يشير إلى منزلة العلم وأثره على البشرية. قال الشاعر:
العلم يرفع بيوتا لا عماد لها
والجهل يهدم بيوت العز والكرم
وقد حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على العلم والاستزداه منه، لذا كان يكثر صلى الله عليه وآله وسلم من الدعاء به فيقول امتثالاً لأمر ربه تبارك وتعالى: (وقل رب زدني علماً)، ولم يكتفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه في الاعتناء بالعلم، بل حرص على أن يتعلم المسلمون ويتزوّدوا به، ومن أجل ذلك اتّخذ الخطوات الايجابية نحو تحقيق هذا الهدف، فقد أصدر قراراً عقب غزوة بدر يحدّد فيه فداء الرجل المشرك الأسير الذي لديه قدر من التعليم أن يُعلّم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة حتّى يفكّ قيده من الأسر.
إذا كان للعلم قداسة وتعظيم يحظى به من الشعب والفرد، فكذلك يظفر المتعلم باجلال واحترام وعلو بين أفراد مجتمعه.
العلم والتعليم
التعليم ضرورة من ضرورات الحياة، وهو الركيزة الأساسية لأي تطور ونماء اجتماعي واقتصادي، وهو الجسر الوحيد ووسيلة العبور إلى لمستقبل الزاهر المشرق،وينقسم بدوره إلى قسمين: التعليم المحظري والتعليم العصري.
- التعليم المحظري يعتبر امتداداً طبيعياً للموروث الثقافي، والديني، والتاريخي، والاجتماعي للقرية، ويُشكل مركز ثقل واعتزاز، ومنبع إلهام وإيمان بالله عز وجل، ففيه تتحدّد المكانة الاجتماعية التاريخية عبر العصور لهذه المجموعة، وهو العنصر الأساس في بنائها تاريخياً وحضارياً، حيث عُرِف الأجداد منذ قديم الزمان بحرصهم وورعهم وإخلاصهم لهذا الصنف من التعليم، حيث كانوا رجالهم أئمة وعلماء وفقهاء، ونساؤهم عفيفات طيبات حافظات طاهرات مربيات لأبنائهن.
- أما التعليم العصري فهو إطلالة معاصرة على الحياة المعاصرة، والتي بدورها تفرض نفسها كواقع معاش ويجب التعاطي معه بمدّ وجزر في حين وفي أحيان أخرى، وهو الضروري والحتمي لبلوغ شتّى مرامي الحياة الحديثة، وهو الضروري والحتمي لبلوغ شتّى مرامي الحياة الحديثة. والتركيز عليه يقتضي المسايرة لظروف المدنية المعاصرة، والتنبيه على الأخذ بوسائله ونتائجه من استقرار ومتابعة واستمرار،وتفهم وإقرار في الحياة اليومية للأطفال والشباب والمجتمع.
من هنا تأتي أهمية التعليم بشتى أنواعه الإيجابية، وضرورة الأخذ بنواصي العلم والمعرفة، فمن وسائل المعرفة: الأسرة، والمدرسة، والمحيط الاجتماعي، والحاسوب، والانترنت، والمذياع، والشاشة الصغيرة، ووسائل الاتصال عموماً، وغيرها، أمّا نتائج التعلّم فهي: الرفاه الفردي، الأسري، والاجتماعي، والاقتصادي، والمبتكرات والمخترعات في الحياة المختلفة. بسبب هذه الوسائل والنتائج أصبح من المهم أن نسترد ماضي الأجداد العظماء المخلصين لذاك التراث الديني بشهادة الغير، وأن نضمن التلاقي الحضاري بين الماضي الأصيل والحاضر الدليل من أجل المستقبل الجميل لأبناء مجموعتنا من ذوي القربى، وأن نعمل بجد وإخلاص على هذا الطريق لأجل النهوض ببلادنا.
العلم نواة، والنواة جذر، والجذور تنساب في الأرض لتشكل جذعاً، والجذع يرتفع في السماء ويورق فيصبح ظلاً وارفاً يستظل به الجميع ويأمن به عواصف الدهر العاتية. والعلم كما جاء في الأثر (نور، ونور الله لا يؤتى لعاص). والعلم شعلة خالجة لا تنطفئ، وهو جذوة تشعلها النخبة المتعلمة لتضيء الآخرين، ومنارة تستهدي بها الأجيال والأجيال المتعاقبة، فبالعلم والمعرفة يمكنك أن ترى العالم من حولك بعيون مستبصرة، وبالعلم يمكنك الاستفادة من الوقت والحياة، وبالعلم وحده بناء الفرد والمجتمع، وبالعلم تُصنع الحياة الراقية في الملبس والصحة والمحيط والبيئة، وبه تتغير مظاهر الأشياء نحو الأفضل والأجمل، وبالعلم يزدان الإنسان ليكون أهلاً لخلافة الله في الأرض.
الأمية داء، ولكل داء دواء، والدواء هو الأخذ بالعلم والمعرفة، والأمية أنواع وصنوف تهدّد العالم بأسره، فهناك أمية القراءة، وأمية الكتابة، وهناك الأمية الدينية؛ حيث يسود العالم الآن الغلو والتطرف، وهناك الأمية الثقافية؛ حيث تغلب الأنانية على المثقفين دون العمل لمجتمعاتهم، وهناك الأمية المدنية؛ حيث يعمّ الجهل بالحقوق والواجبات، وهناك الأمية الاقتصادية؛ حيث تنتشر أحزمة الفقر والتخلف، وهناك الأمية الحضارية؛ حيث العولمة وما لها من سلبيات. فبالعلم والمعرفة يتجاوز الإنسان كل المعوقات والتحديات، فيُسخَّر بإذن الله تعالى ما في الذهن وما في اليد لتطويع وتذليل كل الصعوبات التي تعترض طريقه من أجل بناء حياة أفضل في محيط أجمل، لخلق مجتمع متحضر يقوم على الرقيّ والرفاه.
العلم في بناء الفرد والمجتمع
خلق الله تعالى الإنسان مكوناً من الجسد والنفس، وزوّده بأمور تعطي له معنى أن يكون إنساناً وهي الروح، بالإضافة إلى القدرة على التفكير، حيث كانت الروح المسؤولة عن منح الإنسان القدرة على التساؤل والتعجب من كل الظواهر التي تجري وتمر عليه، والتي سبّبت له نوعاً من المواجع المختلفة وحيّرت له عقله وصدعت رأسه، وكانت أدواتها في ذلك العقل والقلب.
يعرف العلم بأنه معرفة تفاصيل الأمور بصغيرها وكبيرها، حلوها ومرّها، وهو ليس محصوراً على أمر مُعيّن من الأمور إنّما يشمل كافة المجالات المختلفة والمتنوعة التي تغطي كافة مناحي الحياة المختلفة، وهو عملية مستمرة لا تتوقف عند حد معين، بل إنها تبدأ بولادة الإنسان وتنتهي بوفاته، فالإنسان في كافة مراحل حياته يكون مُتعطّشاً للعلم والمعرفة، ولكن كلّ على مستواه، فالصغير ليس كالكبير، ومن يمتلك الرغبة الحقيقية على المعرفة ليس كالشخص الجاهل الذي لا يمتلك أدنى حس بهذه الأمور، والذي يشكل عالة على البشرية فهو مستهلك فقط، لا يحب الإنتاج.
طلب العلم أيضاً هو دليل على انفتاحية الشخص وعدم انغلاقه أو تقوقعه على نفسه، إذ إن الإنسان الشغوف بالعلم سيلجأ إلى قراءة الكتب، والكتب ما هي إلا حصيلة أفكار ومعارف احتازها أشخاص آخرون في القديم والحديث، وبالتالي فلو ظهر طالب العلم بمظهر غريب شاذ عمن حوله بحيث يظنونه شخصاً انطوائياً، إلا أنه قد يكون بمعنى أو بآخر اجتماعياً أكثر منهم، ومنفتحاً قابلاً لكل الآراء المخالفة على عكسهم، فهم قد لا يتحملون أن يناقشهم الإنسان بأبسط شيء مما يؤمنون به ومعتقدون بصحته، وهذا لا يتعاكس مع أهمية أن ينخرط الناس مع من حوله، فهم قد يكونون بطريقة أو بأخرى وسيلة من وسائل المعرفة.
لتحصيل العلوم طرق مختلفة أولها القراءة، حيث إن القراءة هي البوابة التي يدخل الإنسان منها إلى عالم أوسع ليس ضيقاً كالعالم ألذ يعيش فيه، حتى لو كان هذا الإنسان يعيش في غرفة لا يوجد فيها أدنى سبل الراحة والهناء، إلا أنه بالقراءة سيجد نفسه في أوسع مكان بل سيجد نفسه غير محدود بزمان، فيتنقل بين الماضي والحاضر وربما المستقبل. إضافة إلى القراءة هناك وسيلة أخرى مهمة للعلم وهي المعلم، خصوصاً إن كان شديد الأضلاع موسوعياً، وكان لديه أسلوب شيق في إيصال المعلومة، فإن هذا الأمر سيريح طالب العلم كثيراً من أمور متعددة ومختلفة ومتنوعة.
وأخيراً من أهم طرق طلب العلم التجربة والمشاهدة، فهناك قاعدة عامة تقول (ليس الخبر كالعيان). ولنتذكر، إذا حصل الإنسان على العلم فإنه حتماً سيصبح إنساناً ذا روح عظيمة.