بحث عن آثار مصر الفرعونية القديمة
الآثار الفرعونيّة المصريّة
برع الفراعنة المصريون في فن العمارة، حيث يقسم المؤرخون الحقبة الفرعونية في تاريخ مصر إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي؛ الدولة القديمة التي اشتهرت بالعمارة الجنائزية المتمثّلة بالمصاطب والأهرامات، حيث بلغ عدد الأهرامات التي شُيّدت خلالها 97 هرماً، والدولة الوسطى التي شهدت انتشار المعابد الجنائزية والاهتمام بأنظمة الريّ في منطقة الفيوم، وأخيراً عصر الدولة الحديثة الذي اشتُهر بالصور الجدارية والفنون الدقيقة على جدران المعابد الضخمة، والاهتمام بالنقوش الغائرة والبارزة بروزاً بسيطاً، ونحت التماثيل الضخمة والصغيرة، وزخرفة أعمدة المعابد، والنقوش الجدارية.
أهمّ الآثار الفرعونيّة المصريّة
أهرامات الجيزة
تُعَدُّ الأهرامات الأثريّة، مقابر هرميّة ضخمة، بُنِيت قبل 4000 سنة منذ بداية عصر الدولة القديمة، وحتى نهاية العصر البطلميّ في القرن 4م، ويُعتبَر إمحوتب أوّل من بدأ بفكرة المقابر الهرميّة على شَكْل مصاطب، وفي التالي ذكر لبعض أشهر الأهرامات الفرعوينة:
- هرم زوسر: حيث يُعَدُّ أوّل هَرَم بُني في سقارة، زمن الملك زوسر، وذلك عام 2630 ق.م، وهو هَرَم مُكوَّن من 6 طبقات من الحجر، بارتفاع يصل إلى 62م، وقد كان الهرم مُحاطاً بمُجمَّع من الأفنية، والمعابد، والأضرحة.
- هرم خوفو: وهو الهرم الأكبر في منطقة الجيزة، بُنِيَ للفرعون خوفو الذي حكمَ المنطقة لمُدَّة 23 سنة، ويبلغ ارتفاع الهَرَم 147م، ومُتوسّط قاعدته 230م، ويقع إلى جانب الهَرَم ثلاثة أهرامات صغيرة، تعود إلى زوجات الملك خوفو، كما تُحِيط به مجموعة من المصطبات، كمقابر لأقارب، ومسؤولي الملك.
- هرم خفرع: بُنِيَ الهَرَم لابن خوفو، وهو خفرع، حيث يُعتبَر ثاني أكبر هَرم في الجيزة، وأهمّ ما يُميِّز هذا الهَرم، وجود تمثال أبي الهول العظيم في مُجمَّع الهرم.
- هرم منقرع: يَقع الهَرم في الجزء الجنوبيّ للجيزة، وقد بُنِيَ لابن خفرع المسمّى بالمنقرع، ويعدّ الهرم الثالث من حيث الطول، علماً بأنّ الأهرامات بعده أصبحت تتَّخِذ حجماً أصغر.
الكرنك
تقع الكرنك في محافظة الأقصر على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتشكل الكرنك وبعض مناطق طيبة القديمة، أحد مواقع التراث العالميّ لليونسكو منذ عام 1979م، وتضمّ المنطقة مجموعةً من المعابد، منها: مَعبد مونتو الواقع شمال مدينة الكرنك، والذي هو اليوم عبارة عن أطلال تضمُّ أساسات المبنى فقط، وقد بُنِيَ هذا المَعبد زمن أمنحتب الثالث، ومنها أيضاً مَعبد بتاح في الجانب الشماليّ، والذي بناه حتشبسوت، و تحتمس الثالث، وغيرها من المعابد، أمّا أهمّ المعابد في الكرنك ، فهو مَعبد آمون رع، والذي يُعتبَر أحد أكبر المعابد في العالَم، وأكبرها في مصر ، حيث بُنِيَ هذا المَعبد ليُشكِّلَ مَعبداً حضريّاً لإله الدولة.
مَعبد حتشبسوت
بنت الملكة الفرعونيّة حتشبسوت مَعبداً جنائزيّاً لها في الدير البحريّ، ويتكوّن المَعبد من ثلاثة طوابق، واجهتُها عبارة عن صفّ من الأعمدة، واللوحات، والتماثيل، وما يُميِّز هذا المَعبد هو وجود مَمرٍّ حجريّ مُنحدِر كبير، يربط بين فناء الطابق الأوّل والثاني، ومَمرٍّ مُنحدِرٍ آخر يربط بين الطابق الثاني بالثالث، وعندَ الدخول إلى الطابق الأوّل عبرَ الممرّات المُعمَّدة، يجد الزائر ممرَّات مُنحدِرة صغيرة داخليّة تأخذه إلى الطابق الثاني عند قبر سننموت.
مَعبد الأقصر
بُنِيَ مَعبد الأقصر زمن أمنحتب الثالث، وأكملَه توت عنخ آمون ، وأضافَ رمسيس الثاني بعض العناصر إليه. يقع المعبد على الضفّة الشرقيّة لنهر النيل في مدينة طيبة في صعيد مصر، ويتألّف المَعبد ممّا يلي:
- الفناء: وهي قاعة كبيرة ذات أعمدة، يحيط بها من جوانبها الثلاثة صفٌّ مُزدوَجٌ من الأعمدة، ويذكر أنّ رمسيس الثاني أضاف قاعة خارجيّة مُحاطة بصفٍّ مُزدوَج من الأعمدة المُحاطة بتماثيل ضخمة.
- المدخل: كان التصميم الأوّلي للمدخل مُحاطاً بالأبراج في الطرف الشماليّ، إلّا أنّه وبعد التغييرات التي طرأت عليه، تمّ تصميم الرواق من 14 عموداً، بارتفاع 16م.
- الصحن المركزيّ: يُمكِن الوصول إلى الصحن المركزيّ للمَعبد عن طريق ممرٍّ مُحاط بجدارَين على الجانبَين.
- البوّابة: وهي بوّابة ضخمة منقوشٌ عليها صور للمهرجانات، والحروب التي حصلت زمن رمسيس الثاني، وأمامها تماثيل ضخمة للفراعنة، ومِسلَّتان إحداهما لا تزال قائمة.
مَعبد حورس
يقع مَعبد حورس في منطقة إدفو الواقعة على مسافة 60كم شمال أسوان ، وقد استغرق بناء هذا المعبد 180 سنة، حيث تم الانتهاء من بنائه عام 237 ق.م في عهد بطليموس الثالث، والجدير بالذكر أن المعبد يضمّ العديد من الآثار، منها:
- البوّابة: وهي واحدة من أهمّ البوّابات في مصر ، ويبلغ ارتفاعها 37م، كما تُزيِّنها النقوش والرسومات.
- الفناء: وهو بناء مرفوع على أعمدة ذات رؤوس وردية من ثلاثة جوانب، علماً أنه كان سابقاً مَحكمةً لعامّة الناس.
- قاعات الأعمدة: يستقبلُ الزائرَ عندَ المدخلِ تمثالاً على شَكْلِ صقرٍ، ثمّ يدخلُ إلى قاعةٍ مفتوحةٍ ذات شَكْلٍ مستطيلٍ، سقفها مرفوع على 12 عموداً، وبعدها يدخلُ إلى قاعةٍ مُغلَقةٍ، سقفها مرفوعٌ من جهةِ اليمينِ على 12 عموداً، أمّا شمالها ففيه غرفتان: إحداهما استُخدِمت كمكتبةٍ للمخطوطاتِ، والأخرى كمَخزن.
- الدهاليز: وهما دهليزان: أحدهما خارجيّ، جدرانه مُزيَّنة بنقوش للآلهة، والملوك، ويُسمَّى (قاعة القرابين)، والآخر هو الدهليز الداخليّ، ويُسمَّى (استراحة الآلهة).
- المُصلَّى: يحتوي المُصلَّى على محراب من الجرانيت الرماديّ، أمّا خارج المُصلّى، فتُوجَد 12 غرفة محيطة به، تحمل جدرانها العديد من النقوش الدينيّة، حيث كان يُستخدَم بعضها كمَخزن، والبعض الآخر للعبادة.
معبد أو سمبل
يقع معبد أبو سمبل في قرية أبو سمبل الصغيرة في منطقة النوبة ، جنوب مصر، وهو عبارة عن معبدين صخريين ضخمين، ويعدان جزءاً من مواقع التراث العالمي لليونسكو المعروفة باسم "آثار النوبة"، وقد أسسه رمسيس الثاني تكريماً لزوجته نفرتاري، ولانتصاره بمعركة قادش في القرن الثالث عشر، ولا بد من الإشارة إلى أنّ معبد أبو سمبل يضمّ أربعة تماثيل صخرية لرمسيس الثاني، تعكس جمال الفن المصريّ القديم.
تمثال أبو الهول
يقع هذا التمثال بالقرب من الهرم الأكبر بمدينة الجيزة، وهو تمثال ضخم مصنوع من الحجارة الجيريّة، ويصل طوله إلى 73 متراً، ويبلغ ارتفاعه 20 متراً، ويتجسّد تمثال أبو الهول على شكل رأس إنسان، وجسم أسد، ويذكر أنّ تمثال أبو الهول يمتلك أهميةً روحانيّةً لدى المصريين القُدماء، فهو يُجسّد أسطورةً مُهمةً من الأساطير الخياليّة المصريّة.
بُنيَ تمثال أبو الهول من الحجر الجيري الموجود على هضبة الجيزة والتي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل، وتذكر بعض المصادر التاريخية أنَّه جسّد الملك خفرع حاكم مصر بين الأعوام 2558-2532 قبل الميلاد.
آثار فرعونية أخرى
هناك العديد من الآثار الفرعونية الأخرى ومنها ما يأتي:
- وادي الملوك: يضم وادي الملوك أكثر من ستّين مقبرة لملوك الأسرات الثامنة عشر والتاسعة عشر والعشرين من عصر الدولة الحديثة وبعض الأفراد غير الملكيين رفيعي المستوى، بالإضافة إلى عشرين مقبرة غير مكتملة، حيث تتوزّع المقابر في وادي نهر جاف على الضفة الغربية من مدينة طيبة القديمة (الأقصر حديثاً) وتتركّز معظم المقابر في الجهة الشرقية من الوادي.
- الراميسيوم: يُعتبر الراميسيوم معبداً جنائزياً للملك رمسيس الثاني، حيث يحتوى على تمثال ضخم له، ونقوش لمناظر تعبّدية تُمثّل الملك مع المعبودات المختلفة، وتؤرّخ أهم الأحداث التي جرت في عصره، بالإضافة إلى بعض المناظر الفلكية التي تُصوّر شهور السنة وفصولها.
- مسلّة سنوسرت الأول: تُعتبر هذه المسلّة أقدم مسلّة تمّ العثور عليها حتّى الآن، وتقع في حيّ المطرية في مصر آخر ما تبقّى من مدينة أون مركز عبادة إله الشمس رع، وقد قُطعت المسلّة من محاجر الجرانيت الموجودة في أسوان، إذ يبلغ ارتفاعها 22 متراً ووزنها 121 طنّاً، ويظهر عليها نقوش هيروغليفية باسم الملك سنوسرت الأول وسبب إقامة المسلّة للاحتفال بمرور 30 عام على حكمه وبإقامة معبد رع.
الآثار الفرعونيّة في متحف مصر
يضمّ متحف الآثار المصريّ في القاهرة أكبر مجموعة من القطع الأثريّة المصريّة القديمة في العالَم؛ إذ يبلغ عدد القطع الأثريّة فيه 120 ألف قطعة، بعضها معروض، والبعض الآخر مُخزَّن تحت ظروف بيئيّة دقيقة؛ منعاً لتلفها، ومن أهمّ الآثار الفرعونيّة المعروضة في المتحف:
- آثار قبر توت عنخ آمون: اكتُشِفَ قبر الملك (توت عنخ آمون) عام 1922م، من قبل هوارد كارتر، ويضمّ المتحف اليوم الجثة المُحنَّطة لتوت عنخ آمون، إلى جانب أكثر من 3500 قطعة أثريّة، كالمجوهرات، والمزهريّات، والأواني، والأسلحة، وقناع الوجه الذهبيّ الذي يُعَدّ رمزًا عالَميّاً للحضارة المصريّة القديمة المصنوع من مادَّة صلبة، والذي يزن 11 كغم.
- التماثيل والمنحوتات: نَحَت الفراعنة العديد من التماثيل، والقِطع الفنِّية، حيث إنّ العديد منها ممّا قد عُثِر عليه من بقايا المعابد، والأدْيِرة القديمة معروض في المتحف.
- المجوهرات: يضمُّ المتحف مجموعة كبيرة من المجوهرات التي تُعَدّ الأفضل في العالَم، وهذه المجوهرات تُعطِي صورةً لما كان يرتديه الناس قبل آلاف السنين، ومن ضِمن هذه المجوهرات سِوارَان جميلان من الذهب تمّ استعادتهما من قبر توت عنخ آمون.
- المومياء: تُوجَد في المتحف غرفة تُسمَّى (غرفة المومياء الملكيّة)، والتي تحتوي على إحدى عشرة مومياء، بعد أن كان عددها 27، أَحدثُها مومياء حتشبسوت.
أهمِّية الآثار الفرعونيّة المصريّة
تُطلِعنا الآثار الفرعونيّة القديمة على الحياة الثقافيّة، والدينيّة، والاجتماعيّة قديماً؛ فهي مَصدر ثريّ لفَهم الحضارة الفرعونيّة، وقد أعطت هذه الآثار الإلهامَ الكُتّاب، والشعراء، والمعماريِّين من العصر الرومانيّ، وحتى هذا اليوم، وقد سُجِّلت العديد من المناطق الأثريّة في مصر في قائمة التراث العالميّ لليونسكو ، وبذلك فهي تستقطب الكثير من الزوّار من جميع أنحاء العالم، حيث يصل عدد الزوّار سنويّاً إلى حوالي 15 مليون زائر، وقد احتلَّت مصر عام 2015م المرتبة 83 كأفضل وجهة سياحيّة في العالَم، ما جعل قطاع السياحة في مصر يعدّ أحد أهمّ المصادر الاقتصاديّة للدولة؛ فهو يُساهِم بما يقارب 11% من الناتج المحلِّي الإجماليّ، ويعمل في القطاع السياحيّ المصريّ ما يزيد عن 10% من إجماليّ القوى العاملة.