بحث حول إدارة الجودة الشاملة
الجودة الشاملة
في ظلّ التطوُّر، والاتِّساع الحاصل على مُستوى العالَم، بات العالَم قريةً صغيرة، وباتت المعلومة، والمعرفة سِلعاً تُشترى، وتُباع، ممّا أدّى إلى ظهور الحاجة إلى تقديمها بسرعة كبيرة، وبشكل تنافُسيّ؛ بهدف إرضاء العملاء؛ فظهرت الحاجة إلى تطوير الأنظمة، والآليّات، والعاملين، بالإضافة إلى الاهتمام برفع مستوى الكفاءة ، وبالتالي الحاجة إلى ما يُسمَّى ب(الجودة الشاملة).
وبالنظر إلى ما سبق، فإنّه لا بُدّ من توضيح ماهيّة الجودة، والجودة الشاملة ، وصولاً إلى التعريف بإدارة الجودة الشاملة؛ حيث وردت كلمة (الجودة) في المعجم على أنّها مصدر الفعل (جادَ)، يُقال: عُرِفَ بِجَوْدَةِ صِنَاعَتِهِ؛ أي بِإِتْقَانِهَا، وَطَبِيعَتِهَا الجَيِّدَةِ، وهي تعني في اللغة: مُجمَل السِّمات، والخصائص لمُنتَج، أو الخدمة التي تجعله قادراً على تلبية الاحتياجات المذكورة صراحة، أو المُضمَّنة. أمّا اصطلاحاً، فقد عرَّف (المكتب القوميّ للتنمية الاقتصاديّة في بريطانيا) والذي يُعرَف اختصاراً ب(NEDO) الجودة الشاملة على أنّها: "الوفاء بمُتطلَّبات السوق، من حيث التصميم، والأداء الجيّد، وخدمات ما بَعد البَيع"، وعرّفها (المعهد الأمريكيّ للمعايير) والذي يُعرَف اختصاراً ب(ANSI) على أنّها: مجموعة من الخصائص، والصفات التي تتعلَّق بالخدمة، أو المُنتَج؛ للوفاء باحتياجاتٍ مُعيَّنة.
إدارة الجودة الشاملة
تعدَّدت تعريفات إدارة الجودة الشاملة ؛ تِبعاً لاختلافات العلماء في تعريفها، ومن هذه التعريفات:
- عرَّفتها (المُنظَّمة الدوليّة للتوحيد، والقياس) على أنّها: "تكامُل الخصائص، والمَعالِم المُرتبِطة بمُنتَج، أو خدمة ما، بما يُؤدّي إلى تلبية احتياجات، ومُتطلَّبات مُحدَّدة من قبل بدقّة".
- عرَّفها (معهد المقاييس البريطانيّ) على أنّها: "فلسفة إداريّة تشمل كافّة نشاطات المُنظَّمة التي من خلالها يتمّ تحقيق احتياجات، وتوقُّعات العميل، والمجتمع، وتحقيق أهداف المُنظَّمة بأكفأ الطرق، وأقلّها تكلفة، عن طريق الاستخدام الأمثل لطاقات العاملين جميعهم بدافع مُستمِرٍّ للتطوير".
- عرَّفها (جوزيف جوران) على أنّها: "عمليّة إداريّة تُؤدّيها المُنظَّمة بشكل تعاونيّ؛ لإنجاز الأعمال، من خلال الاستفادة من القدرات الخاصّة بكلٍّ من الإدارة، والعاملين؛ لتحسين الجودة، وزيادة الإنتاجيّة بشكل مستمرّ، عن طريق فِرَق العمل، وبالاسترشاد بالمعلومات الدقيقة؛ للتخلُّص من كلّ أعمال الهَدْر في المُنظَّمة".
ومن خلال التعريفات السابقة، يمكن استنتاج أنّ إدارة الجودة الشاملة تعني: مجموع الجهود التي يبذلها العاملون، والمدراء؛ بهدف ضمان رضا العملاء على المدى الطويل.
فوائد إدارة الجودة الشاملة
هناك العديد من الفوائد لإدارة الجودة الشاملة، وفي ما يأتي بعضٌ من هذه الفوائد:
- الوصول إلى تحقيق رضا العميل.
- الحفاظ على نشاط المُنظَّمة، وتجديد العمليّات الإنتاجيّة ، بما يضمن البقاء للمُنظَّمة، وحصولها على الاعتراف الدوليّ، والمحلّي، والتحسين المُستمرّ في العمل.
- تعزيز المقدرة التنافُسيّة، وزيادة الربحيّة .
- تشجيع العمل الجماعيّ، وتحسين التواصل بين العاملين جميعهم، ممّا يساهم في حلّ المشكلات التي تواجه المُنظَّمة، وبالتالي زيادة الفعاليّة التنظيميّة.
- تحسين جودة الخدمات، والمُنتَجات، وفتح المجال أمام إنشاء الأسواق الجديدة.
- أداء الأعمال، والمَهامّ بطريقة صحيحة، مع ضمان السرعة في الاستجابة للمُتغيِّرات.
- تطوير مهارات، وقدرات العاملين.
تقنيات إدارة الجودة الشاملة
هناك العديد من التقنيات التي يمكن اعتمادها عند تطبيق إدارة الجودة الشاملة، ومنها:
- تفويض السُّلطة: حيث يتمّ في هذه التقنية نقل جزء من السُّلطة إلى العاملين؛ بهدف إنجاز العمل بشكل جيّد، وفعّال، علماً بأنّ هذه التقنية تساعد على جعل المحاسبة واضحة في حال التقصير في أداء المهامّ.
- الإدارة بالنتائج: حيث يكون قياس الأداء بشكل دوريٍّ، ممّا يُحسِّنه، ويرفع منه.
- تطوير المدراء: حيث تُعَدُّ هذه التقنية مهمّة أكثر من إدارة الأفراد؛ لما لها انعكاس على جعل الجودة الشاملة أفضل، إذ إنّ عدم تطويرهم قد يؤدّي إلى تنميتهم لعادات غير بنّاءة، ممّا قد يُهدِّد فلسفة إدارة الجودة الشاملة في المُنظَّمة، مثل استخدام أسلوب الاستبداد الذي يؤثِّر في أداء العاملين بشكل سلبيّ.
- الابتكار: ويعني التفرُّد، والإبداع في اقتراح الأفكار المُتميِّزة؛ بهدف حلّ المشاكل التي تواجه المُنظَّمة، أو تحقيق الأهداف المنشودة، وهذا يتطلّب إقصاء الوسائل القديمة، واستبدالها بأخرى جديدة، ومُبتكَرة، واحترام الأفكار التي يتمّ طرحها، ومناقشتها؛ للخروج بما هو أفضل.
- بناء فِرَق عمل: حيث إنّه عندما تكون الروح المعنويّة الجماعيّة مرغوبة، فإنّ هذا من شأنه أن ينعكس إيجاباً على تحسين نوعيّة القرارات التي يتمّ اتِّخاذها، وتحسين جودة التواصل بينهم، ومن الجدير بالذكر أنّه لا بُدّ لكلِّ قائد من أن يتَّصف بالشخصيّة القياديّة، مثل: احترام الرأي الآخر، والمقدرة على الإبداع، والتعاون ، والتيقُّظ، والالتزام، وما إلى ذلك من صفات قياديّة.
مُعوِّقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة
هناك العديد من المُعوِّقات التي تُعرقل تطبيق إدارة الجودة الشاملة، ومن هذه المُعوِّقات -على سبيل المثال لا الحَصر- ما يأتي:
- انخفاض الميزانيّة المُخصَّصة للبحوث، والقيود القانونيّة، والإداريّة التي تُفرَض على البحوث، حيث إنّ من شأنها أن تنعكس سَلباً على الاهتمام بالبحث، والتطوير، وابتكار المُنتَجات الجديدة.
- المواقف السلبيّة التي يتبنّاها بعض العاملين في المُنظَّمات الاقتصاديّة.
- الحرص على تحقيق الجوانب الكمّية، وإهمال غيرها من النواحي، كالنوعيّة، والتدريب ، وأنشطة التطوير، وغيرها من الأمور.
- ضعف النظام المعرفيّ، والمادّي ، وخاصّة في القِطاع الحكوميّ.
- ضعف الإدراك لدى بعض المدراء حول أهمّية تطبيق إدارة الجودة الشاملة، وفوائدها التي تنعكس إيجاباً على أدى المُنظَّمة، ممّا يُحسِّنه.
- إهمال الأهداف طويلة المدى، والحرص على الأهداف قصيرة المدى.
- وجود القوانين، والتعليمات المُعقَّدة التي تؤدّي إلى ضياع الجهد، والوقت ، وبالتالي انخفاض مستوى الأداء.
- قصور مقدرة بعض المدراء في ما يتعلَّق بتطبيق إدارة الجودة الشاملة.