العملات الرقمية
تعريف العملات الرقمية
العملات الرقمية هي عملات يتم تداولها وتخزينها رقمياً باستخدام تقنية سلاسل الكتل -أو البلوك تشين-، وتتم حمايتها باستخدام تقنية التعمية (cryptography)، وتُدار معظم العملات الرقمية عبر شبكات لامركزية، ولا تكون مدعومة من قبل حكومات أو مصارف مركزية.
نشأة العملات الرقمية وصعودها
أول عملة رقمية معروفة هي عملة بيتكوين ، والتي تم تأسيسها على يد شخص -أو مجموعة أشخاص- مجهول الهوية باسم ساتوشي ناكاموتو في 3 كانون الثاني/يناير عام 2009، وذلك بعد إصداره لبيان تأسيسي تحت عنوان "بيتكوين: نظام نقدي إلكتروني من نظير لنظير".
تطلّب تحقيق البيتكوين لنجاح ملحوظ عدّة سنوات، إذ احتاجت مدة حتى بدايات 2011 لترتفع قيمتها عن 1 دولار، ثم أخذت تتصاعد تدريجياً لتبلغ قيمتها عشرات آلاف الدولارات في الوقت الحالي.
أدّى نجاح البيتكوين إلى ظهور عدة عملات رقمية أخرى حاولت استنساخ نجاح هذه العملة، وتوسيع استخدامات العملات الرقمية وميزاتها، كان أبرزها عملة وشبكة إيثيريوم التي أضافت ميزة العقود الذكية، والتي أتاحت تطوير التطبيقات اللامركزية (dApps)، وهي ذات إجمالي القيمة السوقية الأكبر بعد البيتكوين.
أصبحت قيمة العديد من العملات اليوم تفوق الألف دولار، ويقدّر إجمالي القيمة السوقية للعملات الرقمية في نهاية 2021 بحوالي 2.3 تريليون دولار، وباتت بذلك جزءاً لا يتجزأ من النظام المالي العالمي.
تُستخدم العديد من العملات الرقمية اليوم للتحويلات المالية، الدولية منها خصوصاً؛ لتوفير أجور التحويلات التقليدية المرتفعة بوساطة البنوك والمؤسسات المالية، إلى جانب ميزتها الأساسية المتمثلة بإخفاء هوية المرسل والمستقبل، كما يشتري كثيرون العملات الرقمية بوصفها استثماراً بهدف الربح عبر بيعها لاحقاً عند ارتفاع سعرها.
كيفيّة عمل العملات الرقمية
تعتمد معظم العملات الرقمية على تقنية سلاسل الكتل، والتي تقوم على تخزين قاعدة بيانات ملكية وتحويلات العملة على مختلف أجهزة أعضاء الشبكة، وبالتالي تستغني عن الحاجة لوسيط أو جهة مركزية تنظم التحويلات وتنفذها.
وتقوم فكرة العملات الرقمية على عدم الحاجة للأوراق أو القطع النقدية المستخدمة في العملات الوطنية لتحديد ملكية كل شخص أو رصيده، إنما على تسجيل المعاملات والتحويلات بين أعضاء الشبكة، وتوزيع معلومات التحويلات والأرصدة الجديدة لكل أعضاء الشبكة.
كما تحتوي كل عملة على طريقة يتم من خلالها تصديق الكتل الجديدة وإنشاؤها (النسخ الجديدة من سجل المعاملات)، وتُدعى آلية الإجماع، والهدف منها منع إرسال الأموال ذاتها أكثر من مرة، أو الإنفاق المزدوج، وحماية شبكة العملة من القرصنة، وإنشاء العملات الجديدة (أو التعدين)، وأكثر أنواعها انتشاراً "إثبات العمل" (PoW)، الذي يعتمد على ضرورة إنفاق طاقة حاسوبية إجمالية كبيرة لإنشاء الكتل، و"إثبات الحصة" (PoS)، الذي يعتمد على ضرورة تصديق عدد من الأشخاص الذين يملكون قدراً معيناً من العملة للكتلة الجديدة قبل اعتمادها وتوزيعها.
أنواع العملات الرقمية
يوجد نوعان من العملات الرقمية حسب كيفية عملها، وهما:
- العملات أو Coins
وهي العملات التي يتم تشغيلها باستخدام سلسلة الكتل الخاصة بها، ومن أمثلتها؛ بيتكوين، وإيثيريوم، وسولانا.
- الرموز أو Tokens
وهي العملات التي يتم تشغيلها باستخدام العقود الذكية على سلسلة كتل أخرى، مثل عملتي يونيسواب وديسنترالاند، اللتين يتم تشغيلهما على سلسلة كتل إيثريوم.
ويضاف إلى هذين النوعين نوع مهم هو العملات الرقمية المستقرة (Stablecoins)، سواءً تم تشغيلها على سلسلة الكتل الخاصة بها أم لا، وهي العملات التي لا تتغير قيمتها حسب العرض والطلب، وإنما تتمتع بقيمة ثابتة مقرونة بقيمة عملة وطنية، الغاية منها تسهيل استخدام العملات الرقمية لإجراء الدفعات والتحويلات دون الخوف من انخفاض قيمة العملة بعد إجراء المعاملات أو ارتفاعها، ومن أمثلتها؛ عملات تيذر، ويو إس دي كوين، وداي، والتي تساوي قيمتها 1 دولار أمريكي.
الجدل حول العملات الرقمية
تتعرض العملات الرقمية للكثير من الانتقادات، معظمها تندرج ضمن ثلاث فئات:
- القيمة الوهمية
إذ يرى الكثير من الاقتصاديين والشخصيات المؤثرة أن العملات الرقمية بمعظمها لا تتمتع بقيمة حقيقية، وأنها فقاعة ستنفجر عاجلاً أما آجلاً مسببة لمالكيها خسائر كبيرة، ويدعمون وجهة نظرهم خصوصاً بأن العملات الرقمية -عكس العملات الوطنية- تنشأ من خلال عمليات غير مرتبطة بنشاط اقتصادي حقيقي على أرض الواقع، مما يجعلها عاجزة عن الاتساع والتقلص حسب وضعية الاقتصاد.
- انعدام الرقابة والشفافية
إذ تعجز الحكومات عن مراقبة الأموال المنقولة باستخدام العملات الرقمية وضبطها ومصادرتها، مما يجعلها وسيلة مثالية لإجراء الصفقات والأنشطة غير المشروعة، مثل: تبييض الأموال، وتجارة المخدرات، وتمويل الإرهاب، وغيرها.
- استهلاك الطاقة والنفايات الإلكترونية
خصوصاً بالنسبة للعملات التي تستخدم آلية إثبات العمل، إذ يستهلك التعدين والقوة الحاسوبية التي يتطلبها قدراً هائلاً من الطاقة يساوي استهلاك دول بأكملها أحياناً للعملة الواحدة، وغالباً ما يتجه المعدّنون إلى الدول ذات أسعار الطاقة الرخيصة المولّدة بأساليب غير مستدامة (مثل الفحم الحجري)، إضافة إلى حاجة المعدّنين لتحديث أجهزتهم باستمرار والتخلص من الأجهزة القديمة، مما يؤدي إلى توليد نفايات إلكترونية كبيرة .