الشعر عن الحب الحقيقي
قصيدة زدني بفرط الحب فيك تحيرا
يقول ابن الفارض :
زِدْني بفَرْطِ الحُبّ فيك تَحَيّرا
- وارْحَمْ حشىً بلَظَى هواكَ تسعّرا
وإذا سألُتكَ أن أراكَ حقيقةً
- فاسمَحْ ولا تجعلْ جوابي لن تَرى
يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حُبّهمْ
- صَبراً فحاذرْ أن تَضِيقَ وتَضجرا
إنَّ الغرامَ هوَ الحياةُ فمُتْ بِهِ
- صَبّاً فحقّك أن تَموتَ وتُعذرا
قُل لِلّذِينَ تقدَّموا قَبلي ومَن
- بَعدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى
عني خذوا وبي اقْتدوا وليَ اسمعوا
- وتحدّثوا بصَبابتي بَينَ الوَرى
ولقد خَلَوْتُ مع الحَبيب وبَيْنَنَا
- سِرٌّ أرَقّ منَ النسيمِ إذا سرى
وأباحَ طَرْفِي نَظْرْةً أمّلْتُها
- فَغَدَوْتُ معروفاً وكُنْتُ مُنَكَّرا
فَدُهِشْتُ بينَ جمالِهِ وجَلالِهِ
- وغدا لسانُ الحال عنّي مُخْبِرا
فأَدِرْ لِحَاظَكَ في محاسنِ وجْهه
- تَلْقَى جميعَ الحُسْنِ فيه مُصَوَّرا
لو أنّ كُلّ الحُسْنِ يكمُلُ صُورةً
- ورآهُ كان مُهَلِّلاً ومُكَبِّرا
قصيدة الحب ما منع الكلام الألسنا
يقول المتنبي :
الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا
- وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا
لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى
- مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا
بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما
- أَلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا
وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد
- أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا
أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها
- نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا
أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً
- ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا
وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي
- فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا
وَوَقَفتُ مِنها حَيثُ أَوقَفَني النَدى
- وَبَلَغتُ مِن بَدرِ اِبنِ عَمّارِ المُنا
لِأَبي الحُسَينِ جَدىً يَضيقُ وِعائُهُ
- عَنهُ وَلَو كانَ الوِعاءُ الأَزمُنا
وَشَجاعَةٌ أَغناهُ عَنها ذِكرُها
- وَنَهى الجَبانَ حَديثُها أَن يَجبُنا
نيطَت حَمائِلُهُ بِعاتِقِ مِحرَبٍ
- ما كَرَّ قَطُّ وَهَل يَكُرُّ وَما اِنثَنى
فَكَأَنَّهُ وَالطَعنُ مِن قُدّامِهِ
- مُتَخَوِّفٌ مِن خَلفِهِ أَن يُطعَنا
نَفَتِ التَوَهُّمَ عَنهُ حِدَّةُ ذِهنِهِ
- فَقَضى عَلى غَيبِ الأُمورُ تَيَقُّنا
يَتَفَزَّعُ الجَبّارُ مِن بَغَتاتِهِ
- فَيَظَلُّ في خَلَواتِهِ مُتَكَفِّنا
أَمضى إِرادَتَهُ فَسَوفَ لَهُ قَدٌ
- وَاِستَقرَبَ الأَقصى فَثَمَّ لَهُ هُنا
يَجِدُ الحَديدَ عَلى بَضاضَةِ جِلدِهِ
- ثَوباً أَخَفَّ مِنَ الحَريرِ وَأَليَنا
وَأَمَرُّ مِن فَقدِ الأَحِبَّةِ عِندَهُ
- فَقدُ السُيوفِ الفاقِداتِ الأَجفُنا
لا يَستَكِنُّ الرُعبُ بَينَ ضُلوعِهِ
- يَوماً وَلا الإِحسانُ أَن لا يُحسِنا
مُستَنبِطٌ مِن عِلمِهِ ما في غَدٍ
- فَكَأَنَّ ما سَيَكونُ فيهِ دُوِّنا
تَتَقاصَرُ الأَفهامُ عَن إِدراكِهِ
- مِثلَ الَّذي الأَفلاكُ فيهِ وَالدُنا
مَن لَيسَ مِن قَتلاهُ مِن طُلَقائِهِ
- مَن لَيسَ مِمَّن دانَ مِمَّن حُيِّنا
لَمّا قَفَلتَ مِنَ السَواحِلِ نَحوَنا
- قَفَلَت إِلَيها وَحشَةٌ مِن عِندِنا
أَرِجَ الطَريقُ فَما مَرَرتَ بِمَوضِعٍ
- إِلّا أَقامَ بِهِ الشَذا مُستَوطِنا
لَو تَعقِلُ الشَجَرُ الَّتي قابَلتَها
- مَدَّت مُحَيِّيَةً إِلَيكَ الأَغصُنا
سَلَكَت تَماثيلَ القِبابِ الجِنُّ مِن
- شَوقٍ بِها فَأَدَرنَ فيكَ الأَعيُنا
طَرِبَت مَراكِبُنا فَخِلنا أَنَّها
- لَولا حَياءٌ عاقَها رَقَصَت بِنا
أَقبَلتَ تَبسِمُ وَالجِيادُ عَوابِسٌ
- يَخبُبنَ بِالحَلَقِ المُضاعَفِ وَالقَنا
عَقَدَت سَنابِكُها عَلَيها عِثيَراً
- لَو تَبتَغي عَنَقاً عَلَيهِ أَمكَنا
وَالأَمرُ أَمرُكَ وَالقُلوبُ خَوافِقٌ
- في مَوقِفٍ بَينَ المَنِيَّةِ وَالمُنى
فَعَجِبتُ حَتّى ما عَجِبتُ مِنَ الظُبى
- وَرَأَيتُ حَتّى ما رَأَيتُ مِنَ السَنا
إِنّي أَراكَ مِنَ المَكارِمِ عَسكَراً
- في عَسكَرٍ وَمِنَ المَعالي مَعدِنا
فَطِنَ الفُؤادُ لِما أَتَيتُ عَلى النَوى
- وَلِما تَرَكتُ مَخافَةً أَن تَفطُنا
أَضحى فِراقُكَ لي عَلَيهِ عُقوبَةً
- لَيسَ الَّذي قاسَيتُ مِنهُ هَيِّنا
فَاِغفِر فِدىً لَكَ وَاِحبُني مِن بَعدِها
- لِتَخُصَّني بِعَطِيَّةٍ مِنها أَنا
وَاِنهَ المُشيرَ عَلَيكَ فيَّ بِضَلَّةٍ
- فَالحَرُّ مُمتَحِنٌ بِأَولادِ الزِنا
وَإِذا الفَتى طَرَحَ الكَلامَ مُعَرِّضاً
- في مَجلِسٍ أَخَذَ الكَلامَ اللَذعَنا
وَمَكايِدُ السُفَهاءِ واقِعَةٌ بِهِم
- وَعَداوَةُ الشُعَراءِ بِئسَ المُقتَنى
لُعِنَت مُقارَنَةُ اللَئيمِ فَإِنَّها
- ضَيفٌ يَجِرُّ مِنَ النَدامَةِ ضَيفَنا
غَضَبُ الحَسودِ إِذا لَقيتُكَ راضِياً
- رُزءٌ أَخَفُّ عَلَيَّ مِن أَن يوزَنا
أَمسى الَّذي أَمسى بِرَبِّكَ كافِراً
- مِن غَيرِنا مَعَنا بِفَضلِكَ مُؤمِنا
خَلَتِ البِلادُ مِنَ الغَزالَةِ لَيلَها
- فَأَعاضَهاكَ اللَهُ كَي لا تَحزَنا
قصيدة أرق على أرق
يقول المتنبي في قصيدة أخرى:
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
- وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى
- عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
- إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
- نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
- فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني
- عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
قصيدة قصائد عن حب قديم
يقول محمود درويش في قصيدته:
على الأنقاض وردتُنا
ووجهانا على الرملِ
إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ
أشرعنا المناديلا
على مهل.. على مهلِ
وغبنا طيَّ أغنيتين، كالأسرى
نراوغ قطرة الطّل
تعالي مرة في البال
يا أُختاه!
إن أواخر الليلِ
تعرّيني من الألوان والظلّ
وتحميني من الذل!
وفي عينيك، يا قمري القديم
يشدُّني أصلي
إلى إغفاءةٍ زرقاء
تحت الشمس.. والنخلِ
بعيداً عن دجى المنفى..
قريباً من حمى أهلي
تشهّيتُ الطفولة فيكِ
مذ طارت عصافيرُ الربيعِ
تجرّدَ الشجرُ
وصوتك كان، يا ما كان،
يأتيني
من الآبار أحياناً
وأحياناً ينقِّطه لي المطُر
نقيا هكذا كالنارِ
كالأشجار.. كالأشعار ينهمرُ
تعالي
كان في عينيك شيء أشتهيه
تشهّيت الطفولة فيك
مذ طارت
عصافير الربيع
تجرّد الشجرُّ!
ونعبر في الطريق
مكبَّلين..
كأننا أسرى
يدي، لم أدر، أم يدُكِ
احتست وجعاً
من الأخرى؟
ولم تطلق، كعادتها،
بصدري أو بصدرك..
سروة الذكرى
كأنّا عابرا دربٍ،
ككلّ الناس،
إن نظرا
فلا شوقاً
ولا ندماً
ولا شزرا
ونغطس في الزحام
لنشتري أشياءنا الصغرى
ولم نترك لليلتنا
رماداً.. يذكر الجمرا
وشيء في شراييني
يناديني
لأشرب من يدك
ترمّد الذكرى
ترجّلَ، مرةً، كوكب
وسار على أناملنا
ولم يتعبْ
وحين رشفتُ عن شفتيك
ماء التوت
أقبل عندها يشربْ
وحين كتبتُ عن عينيك
نقّط كل ما أكتب
وشاركنا وسادتنا..
وقهوتنا
وحين ذهبتِ..
لم يذهب
لعلي صرت منسياً
لديك
كغيمة في الريح
نازلة إلى المغربْ..
ولكني إذا حاولتُ
أن أنساك..
حطّ على يدي كوكبْ