الحضارات العربية القديمة
الحضارة السبئية
كانت سبأ مملكة تقع في الأراضي اليمنية، اشتهرت بثروتها وتفوقها خاصة بالتجارة لوجودها على طول طرق البخور الواقعة بين جنوب الجزيرة العربية، وميناء البحر الأبيض المتوسط في غزة، وكانت البضائع التجارية تُرسل من سبأ إلى بابل والشام وصيدا والأوروك، وحكمت هذه المملكة ملكة أثيوبية تُدعى بلقيس.
اعتمدت سبأ على نظام ريٍّ زراعي ناجح سبّب في كثرة الخضار في أراضي المملكة حتى أطلع عليها المؤرخون لقب (العربية السعيدة)، الأمر الذي يجعلنا نتصوّر شكل التطوّر والتقدم الذي تمتعت به الحضارة السبئية وانعكس ذلك على عمارتهم والأبواب والجدران التي تعبر عن حجم الثراء الذي تمتعت به القبائل فيها، انهارت الحضارة السبئية بسبب بروز الحضارة الحميرية وغزوها لأراضيها، وسيطرتها على التجارة.
الحضارة الحميرية
دخلت القبيلة الحميرية في ما مضى أراضي مملكة سبأ، لتتطور بعد ذلك وتصبح قوة حاكمة لمعظم أراضي شبه الجزيرة العربية؛ حيث استقروا في سواحل اليمن واكتشفوا طريقًا بحريًا يصل مصر بالهند لتتحوّل جرّاء هذا الاكتشاف المركزية التجارية من سبأ إليهم.
استولت المملكة الحميرية على الأراضي المجاورة ومملكة ظفر أيضًا التي أصبحت لاحقًا عاصمة لها، وكانت لحمير علاقات دبلوماسية جيدة مع الإمبراطورية الرومانية، ما ساعدها في التفوق السياسي في المنطقة، ولقد انهارت مملكة حمير بسبب الصراعات الدينية التي ظهرت فيها ما أدّى إلى نشوب الصراع والانقسامات فيها، فلقد كانوا الحميريين وثنين قبل أن تدخل اليهودية والمسيحية بين الناس وتخالفها السلطات لتنشب الصراعات التي تقضي على المملكة.
حضارة مملكة كندة
كانت كندة قبيلة عربية عريقة تستقر في جنوب شبه الجزيرة العربية، حاولت توحيد القبائل العربية تحت سلطة حاكمة واحدة، وقد نجحوا في مساعيهم، إلّا أنّها كانت مملكة قبلية تتسم بالطابع البدوي على عكس باقي الحضارات اليمنية التي تميزت بنظامٍ أكبر، فعملت محاولات الانفصال فيها إلى تقسيمها إلى أربعة أجزاء (تغلب وأسد وكنانة وقيس).
حيث قام المنذر لاستعادة العراق من الكنديين ونجح في ذلك مشكّلًا ضربة قوية لكندة عملت على تفكيكها، ولكن بقي أبناء الكنديين يتمتعون بمكانة عالية بين القبائل سمحت له باشتغال المناصب الكبيرة في البلاد.
حضارة الغساسنة
ينتمي الغساسنة للقبائل اليمنية التي هاجرت إلى بلاد الشام عُقب انهيار سد مأرب، مستقرين حول نبع من الماء يسمّى غسان، فنسبوا إليه، اهتم الغساسنة بالرعي والزراعة والتجارة، وأقاموا عمرانهم المدنيّ من قصور وأبراج وقناطر، وكان ملوكهم يهتمون بالأدب فاستقطبوا الشعراء إلى بلاطهم ليمتدحوهم مقابل المال، وكان من بينهم الشاعر حسان بن ثابت.
تعاون الغساسنة مع الرومان في صراعهم ضد الفرس، فتعاونوا معهم في حروبهم للقضاء على الفرس، وعندما هزم الرومان اتهموا الغساسنة بالتحالف مع الفرس، وبأنّ المنذر بن الحارث خان التحالف بينهم فنفوه إلى جزيرة صقلية، الأمر الذين أثار حقن الغساسنة، وعندما جاء الإسلام تحالفوا مع المسلمين للقضاء على الرومانيين.
حضارة المناذرة
نشأت مملكة المناذرة على الشواطئ الغربية لنهر الفرات، وتولت زعامتهم قبيلة لخم، حيث سمّوا بالمناذرة لشيوع اسم (منذر) بين معظم ملوكهم، وكوّوا تعاونًا مع الفرس الذين اتخذوهم جنودًا لهم ليصدوا اعتداءات القبائل الأخرى عنهم، الأمر الذين سبب حروبًا كثيرة بين الغساسنة والمناذرة نُصرة لحلفائهم من الفرس والروم.
منها معركة يوم الحليمة التي انتصر فيها المنذر بن النعمان (ابن ماء السماء) على الغساسنة والروم، ولكن أتى من ملوك المناذرة من حاول توحيد القبائل العربية والتخلص من سيطرة الفرس والروم وتسبيبهم للنزاعات بين القبائل فقبض الفرس عليه وسجن إلى أن مات.
حضارة الأنباط
كانت حضارة الأنباط -التي تتخذ من البتراء في الأردن عاصمة لها- كيانًا سياسيًا متفوقًا تكوّن من البدو العرب القادمين من صحراء النقب، تمتعت حضارتهم بتفوق معماريّ وحضاريّ عالٍ، حيث ابتكروا نظام تمديد المياه؛ بحفر الآبار وتعبئتها بمياء الأنباط وإخفائها لكي لا تعرف سوى قوافلهم بالصحراء مكانها.
بهذا وفّروا على أنفسهم الوقوف في المدن العديدة للتزود بالمياه أثناء تجارتهم، ما جعل سفرهم سريعًا وزهيد التكاليف، ولقد بنوا مدينة البتراء في موقع مخفيّ ومحمي لمراقبة طريق البخور والقوافل التجارية.